بِالْفَسَادِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمَا لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَحَدٍ كَدَمٍ وَمَيْتَةٍ وَكَانَا عَالِمَيْنِ بِالْفَسَادِ فَالْوَطْءُ لَيْسَ بِشُبْهَةٍ بَلْ زِنًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الظَّاهِرُ أَنَّ عِلْمَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ كَعِلْمِهِمَا (وَيُحْتَمَلْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِمَعْنَى يَصِحُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (مَا لَمْ يَجِبْ) أَيْ الْعَقْدُ أَيْ: مُدَّةَ عَدَمِ وُجُوبِهِ أَيْ لُزُومِهِ وَهِيَ زَمَنُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ. (شَرْطُ خِيَارٍ وَأَجَلْ) ابْتِدَاءً وَزِيَادَةً فِيهِمَا إلَّا شَرْطَ الْأَوَّلِ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُمْكِنُ ابْتِدَاءً (وَأَنْ يُزَادَ مُثْمَنٌ) أَيْ فِيهِ (وَفِي الثَّمَنْ) إذْ مَجْلِسُ الْعَقْدِ كَنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا صَلَحَ لِتَعْيِينِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَعِوَضِ الصَّرْفِ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ بِجَامِعِ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَقَدْ يُحْتَاجُ فِي تَقَرُّرِهِ إلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَمَا شُرِطَ فِيهِمَا مِمَّا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَالْمُقْتَرِنِ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ ذَلِكَ لِلْعَاقِدِ وَالْمُوَكِّلِ وَمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْخِيَارُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْوَارِثِ بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَبِهِ يُقَاسُ غَيْرُهُ أَمَّا بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا يُحْتَمَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ عَلَى الشَّفِيعِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ قَبْلَهُ.
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَان أَشْيَاءَ تَحْرُمُ عَلَى الْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَنْهَا وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ عِنْدَهَا لِرُجُوعِ النَّهْيِ إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ فَقَالَ (وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ) فِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يُعَيِّنَ الْإِمَامُ قَدْرًا مِنْ الثَّمَنِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ (فِي كُلِّ زَمَنْ) حَتَّى وَقْتِ الْغَلَاءِ لِلتَّضْيِيقِ؛ وَلِأَنَّ «السِّعْرَ غَلَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا يَا رَسُولَ
ــ
[حاشية العبادي]
بِالْفَسَادِ فَهُوَ غَارٌّ أَفَلَا يَغْرَمُ لَهُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَهَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَارًّا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا عَالِمًا بِالْفَسَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَغْرِيرَ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا مَعَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْمَهْرُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَحَيْثُ لَا حَدَّ يَجِبُ الْمَهْرُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ التَّمْلِيكُ الْفَاسِدُ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا شَرْطَ الْأَوَّلِ) أَيْ: الْخِيَارَ فِي زَمَنِهِ أَيْ: زَمَنِ ذَلِكَ الْمَشْرُوطِ لَا الْخِيَارِ مُطْلَقًا فَشَرْطُ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي زَمَنِهِ لَا يُمْكِنُ ابْتِدَاءً وَكَذَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ، بَلْ لَا مَعْنَى لِشَرْطِهِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَشَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْجُمْلَةِ يُمْكِنُ ابْتِدَاءً فِي زَمَنِهِ كَمَا لَوْ شُرِطَ خِيَارُ الشَّرْطِ ابْتِدَاءً فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْكِنُ ابْتِدَاءً) بِخِلَافِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ابْتِدَاءً وَزِيَادَةً
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ الْجَوَازُ عَلَى
[حاشية الشربيني]
فِيهِ كَمَا أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْفَاسِدِ أُلْحِقَ بِصَحِيحِهِ فِي وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ لِوُجُوبِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الْخَالِي عَنْ مُسَمًّى صَحِيحٍ، وَأَمَّا وُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ فَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ بَلْ مِنْ حَيْثُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ فَلَا يُقَالُ قَضِيَّةُ إلْحَاقِهِ بِصَحِيحِهِ عَدَمُ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْغَصْبِ فَإِنَّمَا وَجَبَ فِيهَا مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْغَصْبِ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ أَوْجَبَتْ مَهْرَ بِكْرٍ لَتَضَاعَفَ غُرْمُ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ الْجِهَةِ الْمُضَمَّنَةِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهَا لَمَّا اخْتَلَفَتْ بِسَبَبِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمِلْكِ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ إيجَابُ مُقَابِلِ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ إذْ الْمُوجِبُ لِمَهْرِ الْبِكْرِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِهَا بِكْرًا وَلِأَرْشِ الْبَكَارَةِ إزَالَةُ الْجِلْدَةِ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَزّ ي. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ قَبْلَ بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ م ر هُنَا وَالرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَلَوْ كَانَتْ أَيْ: الْأَمَةُ الْمَوْطُوءَةُ فِي شِرَاءٍ فَاسِدٍ بِكْرًا فَهُوَ مَهْرُ بِكْرٍ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ صَحِيحِ النِّكَاحِ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ حُصُولُ الْمِلْكِ بِهِ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ وَقَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَاصِبًا فَلَا يَضْمَنُ مَا فَوَّتَهُ الَّذِي هُوَ مَهْرُ بِكْرٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُوضَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا الْمُخْتَلَفُ فِي وَاجِبِهَا. اهـ. ع ش، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ بِكْرًا فَمَهْرُ بِكْرٍ لِلتَّمَتُّعِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِجَامِعِ التَّوَصُّلِ إلَى وَطْءٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشَ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ النِّكَاحِ إذْ لَوْ أَزَالَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشٍ.
وَلَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ إيجَابِ مَهْرِ بِكْرٍ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا لَزِمَهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلَفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ فِيهِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَفْهُومُهُ جَوَازُ الرَّدِّ بِالْأَرْشِ فَلْيُرَاجَعْ هَذَا الْإِطْلَاقُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَمَا لَا يَمْنَعُ. اهـ. سم بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِ م ر وَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ إنَّمَا هُمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، أَمَّا الشِّرَاءُ الْفَاسِدُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ وَلَا كَلَامَ فِيهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا الْفَرْقُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيَقْتَضِي أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ اهـ فَلْيُحَرَّرْ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ لِمَا هُنَا.
(قَوْلُهُ: حَتَّى وَقْتِ الْغَلَاءِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute