مُقَدِّمَاتُهُ فَلَيْسَتْ فَسْخًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَبِتَقْيِيدِ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ بِالْإِقْبَاضِ مَا إذَا رَهَنَ أَوْ وَهَبَ بِلَا قَبْضٍ فَلَا فَسْخَ؛ لِعَدَمِ لُزُومِهَا حِينَئِذٍ.
(وَقَدْ صُحِّحَ) كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ مَعَ كَوْنِهِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ (حَيْثُ خُيِّرَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (أَوْ بَائِعٌ) فَقَطْ بِخِلَافِ مَا إذَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَقَطْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْفَسْخِ فَيُقَدَّرُ الْفَسْخُ قُبَيْلَ الْعَقْدِ كَمَا يُقَدَّرُ الْمِلْكُ قُبَيْلَ الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا إذَا أَجَابَهُ الْغَيْرُ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ خُيِّرَا أَوْ بَائِعٌ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي زَمَنِ التَّخْيِيرِ الشَّامِلِ لِخِيَارِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَالْمُوهِمِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْوَطْءِ خَاصَّةً مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا غَيْرُ مُرَادٍ وَكُلٌّ مِنْ الْوَطْءِ وَمَا بَعْدَهُ (إجَازَةً مِنْ صَاحِبِهْ) أَيْ صَاحِبِ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي (إنْ خُيِّرَا أَوْ خُصِّصَ الْخِيَارُ بِهْ) أَيْ بِالْمُشْتَرِي لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بِخِلَافِ مَا إذَا خُيِّرَ الْبَائِعُ وَحْدَهُ وَيُسْتَثْنَى الْوَطْءُ مِنْ الْخُنْثَى وَالْوَطْءُ لَهُ فَلَيْسَ فَسْخًا وَلَا إجَازَةً فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْطُوءُ فِي الثَّانِيَةِ الْأُنُوثَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ، وَقِيَاسُهُ: أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْوَاطِئُ فِي الْأُولَى الذُّكُورَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَطْءِ فَسْخًا أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْ الْوَطْءِ وَمَا بَعْدَهُ إجَازَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ) لَمْ يَقُلْ: وَصَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَفَ بَيَانُ ذَلِكَ وَهُوَ الصِّحَّةُ حَيْثُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَوَقْفُ مَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ حَيْثُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَبُطْلَانُ غَيْرِهِ هَذَا قَضِيَّةُ مَا فِي الْبَهْجَةِ وَأَصْلِهَا وَالْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَبَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ وَتَزْوِيجُهُ إجَازَةٌ وَلَكِنَّهَا بَاطِلَةٌ قَطْعًا وَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ مِثْلُهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْهِبَةَ وَالرَّهْنَ كَذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ أَيْ: الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالتَّزْوِيجَ وَالْوَقْفَ وَالرَّهْنَ وَالْهِبَةَ مَعَ الْقَبْضِ فِيهِمَا مِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ مَا نَصُّهُ نَعَمْ لَا تَصِحُّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ، أَوْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ، أَوْ كَانَتْ مَعَهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَأَوَّلِ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: إجَازَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ) لَمْ يَقُلْ وَقَدْ صُحِّحَ كَمَا فِي جَانِبِ الْبَائِعِ إشَارَةً إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ عِتْقُهُ وَاسْتِيلَادُهُ مَوْقُوفًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِعِتْقِ مُشْتَرٍ وَبِاسْتِيلَادِهِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ بَاطِلًا، أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَجَمِيعُ ذَلِكَ نَافِذٌ مِنْهُ فِي الْحَالِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَبِنَفَاذِ الْعِتْقِ وَالْإِيلَادِ وَبَيْعِهِ وَحِلِّ وَطْئِهَا لِمَنْ خُيِّرَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَأَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ، أَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ مَعَهُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذْنُهُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ وَالتَّصَرُّفِ وَالْوَطْءِ مَعَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَوَطْئِهِ إجَازَةٌ وَصَحِيحٌ نَافِذٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَكَذَا تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، أَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ إجَازَةً مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ.
بَلْ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَإِذْنُهُ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ إذْ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ إلَّا بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَلَا مِلْكَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّصَرُّفِ لَا ظَاهِرًا وَلَا تَبَيُّنًا، فَكَيْفَ يَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا؟ وَقَدْ يُمْنَعُ بَعْدَهُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَقَارُنِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَصِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَبِأَنَّهُ يُقَدَّرُ بِالتَّصَرُّفِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ قُبَيْلَهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَثْبُتُ بِالْوَطْءِ أَيْ: وَطْءِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ الِاسْتِيلَادُ لَا مَهْرٌ وَلَا قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَطْءَ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ إلَخْ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا سم هَذَا وَقَوْلُنَا أَوَّلَ الْقَوْلَةِ: وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ بَاطِلًا أَيْ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ وَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ مُؤَوَّلُ م ر. (قَوْلُهُ: إجَازَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ) فَرَّعَ فِي الْجَوَاهِر لَوْ رَكِبَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ، فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِتَصَرُّفِهِ، أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِاخْتِبَارِهَا؟ وَجْهَانِ. اهـ. وَيُتَّجَهُ أَخْذًا مِنْ عِلَّتِهِمَا أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّصَرُّفَ بَطَلَ، أَوْ الِاخْتِبَارَ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِنْ كَانَ رُكُوبًا يُعَدُّ تَصَرُّفًا عُرْفًا بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا ح ش ع. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا خُيِّرَ الْبَائِعُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ بَاعَ أَيْ: أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ لَهُ، أَوْ لَهُمَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَيْ: لِنَفْسِهِ، أَوْ لَهُمَا فَقَرِيبٌ مِنْ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: فَلَا يَكُونُ فَسْخًا وَلَا إجَازَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ التَّصَرُّفُ مِنْ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَمِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ التَّصَرُّفُ الَّذِي لَمْ.
[حاشية الشربيني]
لُزُومِهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَإِنْ بَقِيَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي حَلَالٌ وَنَافِذٌ وَفَسْخٌ وَلَا مَهْرَ وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ إمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَ اللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَا انْفِسَاخَ بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ لَزِمَ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ الْآخَرُ وَإِنْ فُسِخَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ بِوَصْفِهِ وَفِي الثَّمَنِ بَاطِلٌ إلَّا بِالْعِتْقِ فَإِنَّهُ إجَازَةٌ وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ بَاطِلٌ إلَّا إنْ أَذِنَ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ إلْزَامٌ لِلْعَقْدِ وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ وَفِي الثَّمَنِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ وَالْإِيلَادِ بَاطِلٌ لِئَلَّا يَبْطُلَ خِيَارُ صَاحِبِهِ وَبِهِمَا مَوْقُوفٌ إنْ فُسِخَ الْبَيْعُ تَبَيَّنَ نُفُوذُهُمَا وَإِنْ تَمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ نُفُوذِهِمَا لِوُقُوعِهِمَا فِي مِلْكٍ ضَعِيفٍ قَدْ زَالَ وَإِذَا انْفَرَدَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَتَصَرُّفُهُ فِي الْمَبِيعِ بِمَا تَقَدَّمَ نَافِذٌ وَإِجَازَةٌ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ فَقَبْلَ الْقَبْضِ فِي مَسْأَلَتَيْ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَقَبْلَ اللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ الثَّانِي إجَازَةً لِلْأَوَّلِ بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ فَإِذَا لَزِمَ الثَّانِي لَزِمَ الْأَوَّلُ دُونَ الْعَكْسِ.
وَإِذَا فُسِخَ الْأَوَّلُ انْفَسَخَ الثَّانِي دُونَ الْعَكْسِ وَفِي الثَّمَنِ بَاطِلٌ إلَّا بِالْعِتْقِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَتَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ بَاطِلٌ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ حِينَئِذٍ فَسْخًا وَفِي الثَّمَنِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ وَالْإِيلَادِ بَاطِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَبِهِمَا مَوْقُوفٌ إنْ لَزِمَ الْبَيْعُ تَبَيَّنَ النُّفُوذُ وَإِنْ فُسِخَ تَبَيَّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute