لِتَمَاثُلِهِمَا فِيهِ وَإِنَّمَا الْعَيْبُ الْحَادِثُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ كَعَيْبِ الْمَأْخُوذِ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ فَعَلَيْهِ غُرْمُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ: فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِتَلَفِهِ فَفِي الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ لَا أَرْشَ لَهُ بَلْ يَفْسَخُ وَيَغْرَمُ الْبَدَلَ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ ثُبُوتَ الْأَرْشِ وَزَادَ النَّاظِمُ (جَمِيعًا) تَكْمِلَةً وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ رَدِّ بَعْضِ الرِّبَوِيِّ الْمَذْكُورِ فَيَمْتَنِعُ وَإِنْ رَدَّ مَعَهُ الْأَرْشَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالرِّبَوِيِّ.
(وَبِالتَّرَاضِي) يُرَدُّ الْمَبِيعُ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ (فِي سِوًى) أَيْ فِي سِوَى الرِّبَوِيِّ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا تَعَيَّنَ الْإِمْسَاكُ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ سَوَاءٌ أَرَادَ الْبَائِعُ بَذْلَهُ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَخْذِهِ أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهُ وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ بَذْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ مُسْتَنِدٌ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ وَضَمُّ أَرْشِ الْحَادِثِ إدْخَالُ شَيْءٍ جَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا أَرْشَ الْحَادِثِ لَا نَنْسِبُهُ إلَى الثَّمَنِ بَلْ يَرُدُّ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا بِهِ وَبِالْحَادِثِ بِخِلَافِ أَرْشِ الْقَدِيمِ فَإِنَّنَا نَنْسِبُهُ إلَى الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ.
(وَالْقَوْلُ) فِيمَا إذَا تَنَازَعَا (فِي حُدُوثِهِ) أَيْ الْعَيْبِ وَاحْتُمِلَ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ كَبَرَصٍ (لِبَائِعٍ) بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الْعَيْبِ وَاسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ وَلَا يَثْبُتُ حُدُوثُ الْعَيْبِ مُطْلَقًا بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا صَلَحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحَالُفٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ الْآنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاعْتَرَفَ بِأَحَدِهِمَا وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الرَّدَّ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي مُطَارَحَاتِهِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ، أَمَّا مَا لَا يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَشَيْنِ شَجَّةٍ مُنْدَمِلَةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ أَمْسِ، فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ يَمِينٍ وَمَا لَا يُمْكِنُ تَقَدُّمُهُ كَشَجَّةٍ طَرِيَّةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ مِنْ شَهْرٍ مَثَلًا فَالْقَوْلُ فِيهِ
ــ
[حاشية العبادي]
غَرِمَ زِنَتَهُ وَرَدَّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَنْقُصْ مَعَ ذَلِكَ الْقِيمَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِتَلَفِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِغَيْرِ غِشٍّ وَإِلَّا فَقَدْ بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يُفْسَخُ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ. (قَوْلُهُ: وَبِالتَّرَاضِي فِي سِوَى) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا حَدَثَ عَيْبٌ وَلَمْ يَزُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَقَوْلُهُ: السَّابِقُ كَبِالتَّرَاضِي مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ فَلَا تَكْرَارَ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْإِمْسَاكُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ طَالِبُ الرَّدِّ نَحْوَ وَلِيٍّ وَالْمَصْلَحَةُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ) أَيْ: فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ مَعَ ضَمِّ أَرْشِ الْحَادِثِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنِدًا إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْفَسْخُ ثَمَّ بِالتَّرَاضِي اُحْتُمِلَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ التَّابِعَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحَادِثٍ) فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا ضَمِنَهُ مَعِيبًا عب. (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلْمَبِيعِ وَجُعِلَ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَيْهِمَا وَقُوبِلَا بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ لَكَانَ مِنْ قَبِيلِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مَعْنَى لِلضَّمِّ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْجُزْءَ قَدْ رَجَعَ لِلْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا غَيْرُ مُضِرٍّ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ.
أَمَّا فِيهِ فَمُضِرٌّ لِلُزُومِ الْمُفَاضَلَةِ إنْ أَخَذَ الْأَرْشَ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ مِنْ قَبِيلِ مُدِّ عَجْوَةٍ إنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بِالتَّرَاضِي، فَالْمُخَلِّصُ فَسْخُ الْعَقْدِ إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِالْبَقَاءِ، ثُمَّ يَغْرَمُ بَدَلَ التَّالِفِ وَيَسْتَرْجِعُ الثَّمَنَ هَذَا كُلُّهُ إنْ وَرَدَ الْبَيْعُ عَلَى الْعَيْنِ، أَمَّا مَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ، ثُمَّ عُيِّنَ فَيَغْرَمُ بَدَلَهُ وَيَسْتَبْدِلُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَفَرَّقَا. اهـ. ز ي شَوْبَرِيٌّ أَيْ: وَلَا فَسْخَ اهـ شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَبِالتَّرَاضِي إلَخْ) تَرَكَ هُنَا مَرْتَبَةً قَبْلَ هَذَا وَهِيَ مَا إذَا رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ بِلَا أَرْشٍ لِلْحَادِثِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ الْمُشْتَرِي بِلَا أَرْشٍ أَوْ يَقْنَعَ بِهِ بِلَا أَرْشٍ لِلْقَدِيمِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَبِالتَّرَاضِي يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: أَوْ يَغْرَمُ الْبَائِعُ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْأَحَظُّ مِنْهُمَا فِي نَحْوِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ إنْ رَضِيَ الْآخَرُ اهـ شَيْخُنَا د بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا إلَخْ) مَحَلُّ مَا ذُكِرَ إنْ بَادَرَ الْمُشْتَرِي بِإِعْلَامِ الْبَائِعِ بِالْحَادِثِ لِيَخْتَارَ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا بِأَنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ لِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ فِي حُدُوثِهِ لِبَائِعٍ) أَيْ: إنْ لَمْ يَقْوَ جَانِبُ الْمُشْتَرِي بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قِدَمِ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ أَيْضًا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَا يُقَالُ دَعْوَاهُ الْقِدَمَ تُشْعِرُ بِعِلْمِهِ بِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ حِينَئِذٍ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَدَّعِي وُجُودَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ظَنِّ وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ لِسَبَبِ تَقَدُّمِ الْبَيْعِ يُظَنُّ تَوَلُّدُهُ مِنْهُ عِنْدَ الْبَيْعِ وَلَا يُقَالُ يُرْجَعُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ عِنْدَ فَقْدِهِمْ أَوْ اخْتِلَافِهِمْ بِلَا مُرَجِّحٍ اهـ مِنْ تَقْرِيرِ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) بِأَنْ يُنْشِئَ الْبَائِعُ الدَّعْوَى ثَانِيًا لِيُطَالِبَ بِأَرْشِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ حَلَفَ الْبَائِعُ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْشَ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) لِزَوَالِ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ لِمُوَافَقَتِهِ إلَى آخِرِهِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي) فَلَوْ زَالَ الْعَيْبُ الْمُتَّفَقُ عَلَى قِدَمِهِ صُدِّقَ