للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي أَوْ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ قَبْضًا بِخِلَافِ إتْلَافِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا أَمْرٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ إذْنَ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْإِتْلَافِ يَلْغُو وَأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لِلْبَائِعِ فِي الْأَكْلِ، وَالْإِحْرَاقِ فَفَعَلَ كَانَ التَّلَفُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لِلْغَاصِبِ فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَاكَ مُسْتَقَرٌّ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: جِنَايَةُ الْأَجْنَبِيِّ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي الْقَبْضِ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي الْقَبْضِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْإِتْلَافُ مُحَرَّمًا فَفِيهِ احْتِمَالٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ.

قَالَ الشَّيْخَانِ: وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ إتْلَافَ عَبْدِ الْبَائِعِ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا عَبْدُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَلَفًا فَأَكَلَتْهُ بَهِيمَةُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَكَإِتْلَافِهِ وَإِلَّا فَإِنْ أَتْلَفَتْهُ نَهَارًا

ــ

[حاشية العبادي]

آلَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّ الْأَعْجَمِيَّ لَوْ أَمَرَهُ غَيْرُهُ بِبَطِّ جُرْحِهِ فَفَعَلَ فَهَلَكَ ضَمِنَهُ الْآمِرُ مَعَ أَنَّ غَيْرَ الْأَعْجَمِيِّ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ كَانَ هَدَرًا فَكَمَا كَانَ الْأَعْجَمِيُّ آلَةً فِي إتْلَافِ نَفْسِهِ فَلْيَكُنْ آلَةً فِي إتْلَافِ مَالِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَعْجَمِيًّا فَأَتْلَفَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ قَابِضًا، أَوْ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ. . . إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ كَانَ بِأَمْرِ الثَّلَاثَةِ فَالْقِيَاسُ حُصُولُ الْفَسْخِ فِي ثُلُثٍ، وَالْقَبْضِ فِي ثُلُثٍ، وَالتَّخْيِيرِ فِي ثُلُثٍ وَنَظَرَ فِيهِ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ حَيْثُ إثْبَاتُ التَّخْيِيرِ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ جَوَازُ الْفَسْخِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَمِنْ جِهَةِ إثْبَاتِ الْفَسْخِ فِي إغْرَاءِ الْبَائِعِ لِذَلِكَ أَيْضًا؛ وَلِأَنَّ تَلَفَ الْبَعْضِ بِمَنْزِلَةِ التَّعَيُّبِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لَا الْفَسْخُ لِبَقَاءِ مَا يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: فِي الْإِتْلَافِ يَلْغُو) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) فَالْإِذْنُ لَاغٍ. (قَوْلُهُ: أَذِنَ لِلْغَاصِبِ) أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَنَّ إتْلَافَ عَبْدِ الْبَائِعِ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا عَبْدُ الْأَجْنَبِيِّ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ اهـ وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ مُرَادَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُشْتَرِي إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إذْنِ الْأَجْنَبِيِّ وَعَدَمِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُفِيدُ هَذَا التَّقْيِيدَ عَلَى قَوْلِ الْمُتَوَلِّي السَّابِقِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ) وَإِنْ فَسَخَ اتَّبَعَ الْبَائِعُ الْجَانِيَ وَإِنَّمَا لَمْ يُفَصِّلْ فِي عَبْدِ الْبَائِعِ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى بَقَاءِ الْعُقُودِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ) وَأَمَّا بِأَمْرِهِ فَكَإِتْلَافِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَعَهَا) أَيْ: فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ فَكَإِتْلَافِهِ. . . إلَخْ ذَهَبَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى خِلَافِ مَا هُنَا مَعَ رَدِّهِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَزِدْ فِي الرَّوْضِ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ دَابَّتُهُ أَيْ الْمُشْتَرِي نَهَارًا انْفَسَخَ، أَوْ لَيْلًا فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ فَسَخَ طُولِبَ بِمَا أَتْلَفَتْ. اهـ. فَقَالَ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ قُلْتَ إتْلَافُهَا لَيْلًا إمَّا بِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا، أَوْ لَا فَيَكُونُ كَالْآفَةِ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْيِيرِ قُلْتُ هُوَ بِتَقْصِيرِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُهَا صَالِحًا لِلْقَبْضِ خُيِّرَ فَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ، أَوْ فَسَخَ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْبَدَلِ فَمَا قِيلَ إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَإِلَّا فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مَعَ تَقْصِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا. اهـ. قُلْتُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إتْلَافِهَا وَهُوَ مَعَهَا وَإِتْلَافِهَا وَحْدَهَا لَائِحٌ وَإِنْ نُسِبَ الْإِتْلَافُ إلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ بَلْ يَبْقَى الْخِيَارُ بِحَالِهِ فِي الْبَدَلِ لِأَنَّهُمَا ضَامِنَانِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ سَوَاءٌ كَانَ إتْلَافُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَا فِي ق ل أَنَّهُمَا كَالْآفَةِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ وَإِلَّا فَلَا وَيَبْقَى الْخِيَارُ بِحَالِهِ فَإِنْ فُسِخَ غَرِمَ الْمُشْتَرِي الْبَدَلَ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا وَأَتْلَفَهُ بِإِذْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) إنْ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا انْفَسَخَ (قَوْلُهُ: كَانَ قَبْضًا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ.

(قَوْلُهُ: كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا أَمْرٍ) فَيَنْفَسِخُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا لَمْ يَنْفَسِخْ وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَدَلِ (قَوْلُهُ: كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا لَمْ يَنْفَسِخْ سَوَاءٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ بَلْ يَبْقَى الْخِيَارُ بِحَالِهِ فِي الْبَدَلِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ إلَخْ) يَنْبَغِي وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: يَلْغُو) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ وَاقْتَصَرَ م ر عَلَى هَذَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي م ر (قَوْلُهُ: أَنَّ إتْلَافَ عَبْدِ الْبَائِعِ. . . إلَخْ) وَلَوْ بِإِذْنِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ الْمُشْتَرِي تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِبَقَاءِ الْعُقُودِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَكَإِتْلَافِهِ) أَيْ فَيَكُونُ قَابِضًا وَاعْتَمَدَ هَذَا م ر سم بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتْلَفَهُ نَهَارًا. . . إلَخْ) كَذَا عَبَّرُوا هُنَا بِاللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِ الدَّوَابِّ فِيهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا فَالْوَقْتُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالْحِفْظِ إذَا أَتْلَفَتْ شَيْئًا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>