للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ: بُطْلَانُهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَالتَّصَدُّقُ كَالْهِبَةِ وَجَعَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ كَالْعِتْقِ وَإِنَّمَا تُمْنَعُ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ (فِيمَا يُضْمَنُ) فِي يَدِ الْغَيْرِ (بِسَبَبِ الْعَقْدِ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ (كَمَا) أَيْ كَاَلَّذِي (يُعَيَّنُ مِنْ ثَمَنٍ وَعِوَضٍ عَنْ الدَّمِ وَعِوَضِ الْبُضْعِ) فِي النِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ (وَدَيْنِ) أَيْ وَكَدَيْنِ (السَّلَمِ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَكُلٌّ مِنْهَا مَضْمُونٌ بِالْعَقْدِ فَإِنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لَوْ تَلِفَ رَجَعَ الْبَائِعُ إلَى الْمَبِيعِ لَا إلَى بَدَلِ الثَّمَنِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ.

وَكَذَا عِوَضُ الْبُضْعِ الْمُعَيَّنِ فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ لَوْ تَلِفَ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى قِيمَةِ الْبُضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا إلَى بَدَلِ الْعِوَضِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَكَذَا الْعِوَضُ الْمُعَيَّنُ فِي الصُّلْحِ عَنْ دَمٍ لَوْ تَلِفَ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى بَدَلِ الدَّمِ وَهُوَ الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ، وَالْقِيمَةُ فِي قَتْلِ الرَّقِيقِ لَا إلَى بَدَلِ عِوَضِ الدَّمِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَكَذَا دَيْنُ السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَوْ فُسِخَ عَقْدُهُ أَوْ انْفَسَخَ رَجَعَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ لَا إلَى بَدَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَضْمُونِ كَالْمُودَعِ أَوْ الْمَضْمُونُ ضَمَانَ يَدٍ كَالْمُعَارِ فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَلِفَ تَلِفَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ (وَذَا) أَيْ دَيْنُ السَّلَمِ (بِغَيْرِ نَوْعِهِ لَا يُبْدَلُ) وَمَثَّلَ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَحِنْطَةٌ) أَيْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُمْنَعُ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ) هَذَا التَّقْدِيرُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ قَوْلِهِ فِيمَا يُضْمَنُ. . . إلَخْ بِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِي الْمَبِيعِ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْمَبِيعِ إنَّمَا تُمْنَعُ فِي الثَّمَنِ وَغَيْرِهِ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ وَلَوْ جُعِلَ قَوْلُهُ فِيمَا يُضْمَنُ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَيَجْرِي امْتِنَاعُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا يَضُرُّ أَيْضًا كَانَ أَقْرَبَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَعَلَيْهِ يَدُلُّ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ الثَّالِثَةُ لَا يَخْتَصُّ مَنْعُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِالْمَبِيعِ بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا يُعَيَّنُ) التَّقْيِيدُ بِالْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُضْمَنُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا تَمْتَنِعُ فِيهِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ الْآتِي لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ فَلَوْ لَمْ يُعَيَّنْ فِيهِ ثُمَّ عُيِّنَ بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ مَحْمُولٌ إلَخْ أَنْ يُقَالَ إنْ عُيِّنَ فِي زَمَنِ الْجَوَازِ كَانَ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ حَتَّى يَمْتَنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا التَّعْيِينِ، وَالْحُكْمُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَجُوزَ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُنَا أَوَّلَ الْحَاشِيَةِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُضْمَنُ إلَخْ هَذَا التَّوْجِيهُ يَنْتَقِضُ بِدَيْنِ السَّلَمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَدَيْنِ السَّلَمِ) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي كَمَا لَا عَلَى ثَمَنٍ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَنٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ وَكَدَيْنِ دُونَ وَمِنْ دَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، أَوْ الْمَضْمُونُ ضَمَانَ يَدٍ) وَمِنْهُ الْمَفْسُوخُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ بَاقٍ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ رَدِّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ، لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسَهُ إلَى اسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الثَّمَنِ لِاسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مَا الْمُرَجِّحُ لِجَانِبِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ مَنْ طُولِبَ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ الْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِرَدِّ مَا بِيَدِهِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ وَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ حَتَّى يَقْبِضَ مَتَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْفَسْخِ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الْخِيَارِ إلَّا أَنَّ قَوْلَنَا بِعَيْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ يُنَافِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنَافِعُ وَهِيَ لَا تَصِيرُ مَقْبُوضَةً بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا عَدَمُ قَبْضِهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ صِحَّتُهَا لِغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ قُوَّةُ جَانِبِهِ اقْتَضَتْ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ التَّقْرِيرِيِّ أَيْضًا فِيهِ تَدَبَّرْ شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُمْنَعُ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ. . . إلَخْ) هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ قَالَ وَتُمْنَعُ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ أَيْضًا وَإِنَّمَا. . . إلَخْ وَإِنَّمَا مُنِعَتْ فِيمَا ضُمِنَ بِعَقْدٍ دُونَ مَا ضُمِنَ بِالْقِيمَةِ لِتَوَهُّمِ الِانْفِسَاخِ فِيمَا ضُمِنَ بِالْعَقْدِ بِتَلَفِهِ بِخِلَافِ مَا ضُمِنَ بِالْقِيمَةِ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ حَتَّى لَوْ كَانَ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ سَبَبَ انْفِسَاخِ عَقْدٍ كَأَنْ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَفَسَخَ الْبَيْعَ صَحَّ مِنْ الْبَائِعِ بَيْعُهُ قَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ فِيمَا يُضْمَنُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ التَّصَرُّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِقْلَالِ الْمُتَصَرِّفِ بِهِ لِبَقَاءِ عُلْقَةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ) أَيْ بِسَبَبِ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ مِنْ الْمُقَابِلِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِمِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعَيَّنُ مِنْ ثَمَنٍ) وَلَوْ أَبْدَلَهُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِرِضَا الْبَائِعِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ. اهـ. م ر فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ كَاَلَّذِي يُعَيَّنُ مِنْ ثَمَنٍ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَدَيْنُ أَثْمَانٍ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ نَوْعِهِ لَا يُبْدَلُ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِبْدَالُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الصِّحَّةَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْمُعَاطَاةِ. اهـ. سم لَكِنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ يَجِبُ قَبُولُ الْأَجْوَدِ. . . إلَخْ خِلَافُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ. . . إلَخْ) وَأَفَادَ بِهَذَا الْمِثَالِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَةِ إذَا ظَهَرَ مَعَهُ تَأْثِيرٌ قَوِيٌّ بِحَيْثُ يُصَيِّرُ الْمَوْصُوفَيْنِ بِالصِّفَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ كَالنَّوْعَيْنِ الْحَقِيقِيَّيْنِ كَانَ كَاخْتِلَافِ النَّوْعِ حَقِيقَةً. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>