للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِبْدَالُهُ حِنْطَةً (سَمْرَا بِبَيْضَا يَبْطُلُ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَإِذَا امْتَنَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَوْعِهِ فَبِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْلَى أَمَّا إبْدَالُهُ بِنَوْعِهِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَأِ فَصَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الْأَجْوَدِ دُونَ الْأَرْدَأِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَكَدَيْنِ السَّلَمِ فِيمَا ذَكَرَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَالدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ إمَّا مُثَمَّنٌ كَدَيْنِ السَّلَمِ وَهُوَ مَا مَرَّ أَوْ ثَمَنٌ أَوَّلًا وَلَا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِمَا فَقَالَ (وَدَيْنَ أَثْمَانٍ وَغَيْرَ الْعِوَضِ كَالْقَرْضِ بِعْ) أَيْ وَبِعْ دَيْنَ الثَّمَنِ وَدَيْنَ غَيْرِ الْعِوَضِ كَقَرْضٍ وَإِتْلَافٍ (مِمَّنْ) هُمَا (عَلَيْهِ) .

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِخَبَرِ «ابْنِ عُمَرَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِاسْتِقْرَارِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ السَّلَمِ وَنَحْوِهِ لِجَوَازِ طُرُوُّ مَا يَفْسَخُهُ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِدَيْنِ الثَّمَنِ بَلْ سَائِرُ دُيُونِ الْمُعَاوَضَاتِ غَيْرَ دَيْنِ السَّلَمِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِدَيْنِ الْأَثْمَانِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ لَكِنَّ نُجُومَ الْكِتَابَةِ مُلْحَقَةٌ بِدَيْنِ السَّلَمِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ ثَمَّةَ، وَالثَّمَنُ النَّقْدُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ الْعِوَضَانِ نَقْدَيْنِ فَهُوَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَكَدَيْنِ السَّلَمِ فِيمَا ذَكَرَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ) كَذَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ مُثَمَّنًا لَا يُسْتَبْدَلُ عَنْهُ لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا سَلَمًا أَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا فَلَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ. اهـ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَلَيْسَ بِسَلَمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَعَ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ الِاعْتِيَاضُ فِيهِ عَلَى الصَّوَابِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي السَّلَمِ. (قَوْلُهُ وَدَيْنَ أَثْمَانٍ. . . إلَخْ) فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ بِيعَ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ (تَنْبِيهٌ)

عِبَارَةُ الرَّوْضِ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ كُلِّ دَيْنٍ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ وَكَذَا عَنْ الثَّمَنِ اهـ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَجَازَ بَيْعُ دَيْنٍ اهـ وَهُمَا ظَاهِرَتَانِ فِي تَنَاوُلِ نَحْوِ بَدَلِ الْخُلْعِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَبِعْ دَيْنَ الثَّمَنِ) قَالَ بَعْضُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ لَكِنْ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ، وَالثَّمَنُ النَّقْدُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ النَّقْدُ وَإِنْ دَخَلَتْ الْبَاءُ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِعَبْدٍ وَوَصَفَهُ فَالْعَبْدُ مَبِيعٌ، وَالدَّرَاهِمُ ثَمَنٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِهَذَا الْعَبْدِ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ الْمُثَمَّنَ فِي الذِّمَّةِ م ر (قَوْلُهُ، وَالثَّمَنُ النَّقْدُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ دَخَلَتْ الْبَاءُ عَلَى غَيْرِهِ كَبِعْتُكَ هَذَا الدِّينَارَ بِهَذَا الثَّوْبِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ بِدَرَاهِمَ سَلَمًا كَانَتْ ثَمَنًا وَصَحَّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا لِأَنَّهَا مُسْلَمٌ فِيهَا وَقَدْ يُجَابُ بِالْتِزَامِ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) كَمَا فِي بَيْعِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ.

ــ

[حاشية الشربيني]

ع ش مَعْنًى (قَوْلُهُ بِنَوْعِهِ الْأَجْوَدِ) هُوَ اخْتِلَافُ صِفَةٍ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ مَعَهُ كَبِيرُ تَفَاوُتٍ

(قَوْلُهُ وَكَدَيْنِ السَّلَمِ فِيمَا ذَكَرَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّهُ سَلَمٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بَيْعٌ فَيَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ نَقَلَهُ سم عَنْ اعْتِمَادِ م ر وَفَارَقَ الْمُعَيَّنَ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ فِيهِ دُونَ هَذَا سم أَيْضًا وَمِنْهُ يُعْلَمُ رَدُّ مَا وَجَّهَ بِهِ الْأَوَّلَ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُعَيَّنًا فَمَعَ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْلَى. اهـ. تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَدَيْنَ أَثْمَانٍ. . . إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْلَمًا فِيهِ كَأَنْ أَسْلَمَ عَبْدًا فِي نَقْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ هُوَ الثَّمَنُ وَإِنْ كَانَ مُسْلَمًا فِيهِ لِأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ، وَالْمُقَدَّمُ رَأْسُ الْمَالِ فَفِيهِ الْجِهَتَانِ فَيُغَلِّبُ الْمَانِعُ عَلَى غَيْرِ الْمَانِعِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ وَدَيْنَ أَثْمَانٍ. . . إلَخْ) وَفَارَقَ الْمُثَمَّنَ بِأَنَّهُ يُقْصَدُ عَيْنُهُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مَالِيَّتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُثَمَّنُ عَرْضًا، وَالثَّمَنُ نَقْدًا دُونَ مَا إذَا عَكَسَ أَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرْضَيْنِ فَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَدَيْنَ أَثْمَانٍ. . . إلَخْ) مَا لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَالرِّبَوِيِّ وَأُجْرَةِ الْإِجَارَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَبَعْضُهُ فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ مَعَ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ، وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ بِيعَ بِجِنْسِهِ لِتَفْوِيتِهِ مَا شُرِطَ فِيهِ مِنْ قَبْضِ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ وَلِذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ مُمْتَنِعًا وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ جَوَازِهِ فِيهِ غَلَّطَهُ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالْقَرْضِ) أَيْ دَيْنِهِ لَا نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ مَلَكَ الْعَيْنَ وَإِنْ جَازَ لِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِيهَا وَيَلْزَمُ مِنْ مِلْكِهِ لَهَا كَذَلِكَ ثُبُوتُ بَدَلِهَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَمْ يَقَعْ الِاسْتِبْدَالُ إلَّا عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ دُونَ عَيْنِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَعَمَّمَ م ر فَقَالَ وَلَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الْقَرْضِ نَفْسِهِ أَوْ دَيْنِهِ جَازَ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ الرَّشِيدِيُّ بِمِثْلِ مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَبِعْ دَيْنَ الثَّمَنِ) أَيْ حَيْثُ لَزِمَ الْعَقْدُ م ر وَقَالَ حَجَرٌ إلَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُ الثَّمَنَ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ جَوَازِ اسْتِبْدَالِهِ عَنْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ مِمَّنْ هُمَا عَلَيْهِ) سَوَاءٌ بَاعَهُمَا بِدَيْنٍ مُنْشَأٍ أَوْ بِعَيْنٍ اهـ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُمَا لَهُ بِدَيْنٍ لَهُ ثَابِتٍ مِنْ قَبْلُ عَلَى آخَرَ.

(قَوْلُهُ: مَا يَفْسَخُ) أَيْ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ وَهُوَ الِانْقِطَاعُ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بِهِ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: دُيُونِ الْمُعَاوَضَاتِ) كَأُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَكَدُيُونِ الْمُعَاوَضَاتِ دَيْنُ الضَّمَانِ. اهـ. م ر وَقَوْلُنَا كَأُجْرَةٍ أَيْ غَيْرِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِاشْتِرَاطِ قَبْضًا فَيَفُوتُ حِينَئِذٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ فِيهِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَالرِّبَوِيِّ الْمَبِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>