للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَالْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ أَوْرَدُوا أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْكَثِيرُونَ لِحُكْمِ الرَّدِّ وَحَلِفِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَصْلًا وَقَدْ طَالَعْتُ زُهَاءً مِنْ ثَلَاثِينَ كِتَابًا مِنْ بَيْنِ طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ فَلَمْ أَجِدْهُ أَيْ التَّخْيِيرَ إلَّا فِي الشَّامِلِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ.

(وَسُمِعَتْ حُجَّتُهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَزْيَدَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ (إنْ ذَكَرَا مَخِيلَ صِدْقٍ) أَيْ ذَكَرَ مَخِيلَةً لِصِدْقِهِ بِأَنْ بَيَّنَ لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا (كَكِتَابٍ) أَيْ كَقَوْلِهِ جَاءَنِي كِتَابٌ مِنْ وَكِيلِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ (زُوِّرَا) أَوْ رَاجَعْتُ جَرِيدَتِي فَغَلِطْتُ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ إلَى غَيْرِهِ كَمَا يُحَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْمَخِيلَةِ يُحَرِّكُ ظَنَّ صِدْقِهِ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ حُجَّتُهُ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ فَيَأْتِي فِيهِ اخْتِلَافُ التَّرْجِيحِ فِي الصِّحَّةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ مَخِيلَةً لِصِدْقِهِ فَلَا تُسْمَعُ حُجَّتُهُ لِمَا مَرَّ، وَالتَّمْثِيلُ الَّذِي فِي النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

ثُمَّ بَيَّنَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ وَهُوَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّيَاتِهَا فَقَالَ: (، وَالْأَرْضُ، وَالْعَرْصَةُ بِالْإِسْكَانِ) لِلرَّاءِ وَضَبْطُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَكْمِلَةٌ (وَسَاحَةٌ وَالْبَاغُ كَالْبُسْتَانِ) كِلَاهُمَا فَارِسِيٌّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوَالِيقِيُّ وَغَيْرُهُ (وَبُقْعَةٌ وَقَرْيَةٌ وَدَسْكَرَهْ) وَهِيَ أَبْنِيَةٌ (تُشَابِهُ الْقَصْرَ) تَكُونُ (لِأَهْلِ الْمَقْدِرَهْ) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ أَيْ الْقُدْرَةِ عَلَى بِنَاءِ ذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ الدَّسْكَرَةَ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ هِرَقْلَ فَجَمَعَهُمْ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ وَقَالَ: إنَّهَا تُقَالُ أَيْضًا لِلْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ وَلِلْقَرْيَةِ وَلِلصَّوْمَعَةِ وَلِبُيُوتِ الْأَعَاجِمِ تَكُونُ فِيهَا الشَّرَابُ، وَالْمَلَاهِي قَالَ: وَالْقَصْرُ الْمَنْزِلُ وَكُلُّ بَيْتٍ مِنْ حَجَرٍ (تَنَاوَلَ) أَيْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إذَا بِيعَتْ تَتَنَاوَلُ (الْأَشْجَارَ، وَالْبِنَاءَ وَأَصْلَ بَقْلٍ) فِيهَا أَيْ بَقْلٍ يُجَزُّ مِرَارًا (نَحْوِ) أَصْلِ (هِنْدِبَاءَ) وَكَرَفْسٍ وَنُعْنُعٍ وَقَضْبٍ أَوْ يُثْمِرُ مِرَارًا كَبَنَفْسَجٍ وَنَرْجِسِ وَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ لِأَنَّهَا لِلثَّبَاتِ، وَالدَّوَامِ فِيهَا فَأَشْبَهَتْ جُزْأَهَا فَتَتْبَعُهَا كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ تَقْيِيدُ الْأَشْجَارِ بِالرَّطْبَةِ فَتَخْرُجُ الْيَابِسَةُ فَلَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَذْكُورَاتُ.

وَقَدْ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا يَتَنَاوَلُ غُصْنَهُ الْيَابِسَ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِتَنَاوُلِ الدَّارِ مَا أُثْبِتَ فِيهَا مِنْ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أُثْبِتَ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مُثْبَتًا فَصَارَ كَجُزْءِ الدَّارِ بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ نَعَمْ إنْ عَرَّشَ عَلَيْهَا عَرِيشًا لِعِنَبٍ وَنَحْوِهِ صَارَتْ كَالْوَتَدِ وَسَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ أَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إذَا رُهِنَتْ لَا تَتَنَاوَلُ شَيْئًا مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: فَلَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُرِيدَ عِنْدَ رَدِّهَا عَلَيْهِ، أَوْ يُقْرَأَ يُحَلِّفُ بِوَزْنِ يُحَرِّكُ أَيْ: يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي، أَوْ يَكُونُ فَاعِلُ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَيَأْتِي فِيهِ اخْتِلَافُ التَّرْجِيحِ) فَيَكُونُ الْأَرْجَحُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ الصِّحَّةَ وَلَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ حُجَّتُهُ) وَلَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِهَا كَمَا قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُبَيِّنْ لِغَلَطِهِ عُذْرًا حَلَّفَهُ أَيْ: حَلَّفَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ إنْ ادَّعَى عِلْمَهُ. اهـ. وَهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَإِنْ يُكَذِّبْ حُلِّفَا فَإِنَّ صَرِيحَ صَنِيعِ الشَّارِحِ عَدَمُ رُجُوعِ قَوْلِهِ إنْ ذَكَرَا. . . إلَخْ إلَيْهِ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِدَعْوَى عِلْمِهِ.

(قَوْلُهُ: تَنَاوَلَ الْأَشْجَارَ، وَالْبِنَاءَ) تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ تَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّيَاتِهَا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَشْجَارَ لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الْبُسْتَانِ وَأَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الْقَرْيَةِ وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْصِيلًا لِغَيْرِ الْمُسَمَّيَاتِ بَلْ لِمَا يَدْخُلُ أَعَمَّ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ وَغَيْرِهَا وَقَصْدُ بَيَانِ مَا يَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّيَاتِهَا لَا يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ فِي التَّفْصِيلِ عَلَى غَيْرِ الْمُسَمَّيَاتِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ فَإِنْ قِيلَ فَمَا الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْبُسْتَانِ، وَالْقَرْيَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَمَّيَاتِهِمَا حَتَّى يَكُونَ الْمَقْصُودُ بَيَانَ الْأَعَمِّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا أَيْضًا قُلْتُ أَمَّا الْقَرْيَةُ فَنَحْوُ الشَّجَرِ وَأَصْلِ الْبَقْلِ وَأَمَّا الْبُسْتَانُ فَنَحْوُ أَصْلِ الْبَقْلِ وَبَذْرِ دَائِمِ النَّبَاتِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ أَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إذَا رُهِنَتْ لَا تَتَنَاوَلُ شَيْئًا) مِنْ ذَلِكَ اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقَرْيَةَ لَا تَتَنَاوَلُ الْأَبْنِيَةَ إذَا رُهِنَتْ وَأَنَّ الْبُسْتَانَ لَا يَتَنَاوَلُ شَجَرًا وَلَا بِنَاءً إذَا رُهِنَ أَيْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُبَيِّنَ لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا فَلَا يُقْبَلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ) فَلَوْ زَعَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَالِمٌ بِصِدْقِهِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ فَالْأَصَحُّ لَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَفِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تُرَدُّ وَيَحْلِفُ. . . إلَخْ مَا فِي الشَّرْحِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ مُخَيَّلَ صِدْقٍ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ أَيْضًا لَكِنْ لَوْ رَدَّ الْيَمِينَ اتَّجَهَ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا تُسْمَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ) هُوَ لِلْأرْدَبِيلِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَمَنْ مَعَهُ لَيْسُوا مِنْ الْأَصْحَابِ وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ أَكَابِرِ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَصْحَابِ الْفُقَهَاءَ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُحَلِّفُ) أَيْ كَمَا يُحَلِّفُ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى ذَلِكَ إنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَإِلَّا فَلَا يُحَلِّفُهُ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ:، وَالْعَرْصَةُ) الْعَرْصَةُ الْفَضَاءُ بَيْنَ الدُّورِ، وَالسَّاحَةُ الْفَضَاءُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ، وَالْبُقْعَةُ هِيَ الَّتِي خَالَفَتْ غَيْرَهَا انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا وَهَذَا مَعْنَاهَا لُغَةً وَأَمَّا عُرْفًا فَمَعْنَاهَا قِطْعَةُ أَرْضٍ لَا بِقَيْدٍ وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهَا عَلَى اتِّحَادِهَا شَرْعًا. اهـ. ع ش وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ بَقْلٍ) هُوَ خَضْرَاوَاتُ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَنُعْنُعٌ) هُوَ كَهُدْهُدٍ وَكَجَعْفَرٍ أَوْ كَجَعْفَرٍ وَهُمْ. اهـ. قَامُوسٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>