للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ظَهَرَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ وَكَذَا شَجَرُ الْخِلَافِ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِانْتِفَاعُ فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا ظَهَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا يَصِيرُ كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ الْحَاصِلَ بِقَطْعِهِ النَّقْصُ فِي الثَّوْبِ مَقْصُودٌ لِلْبَيْعِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى غَيْرِهِ فَحَاصِلُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ اشْتِرَاطُ الْقَطْعِ وَلَا الِانْتِفَاعُ مُطْلَقًا هَذَا، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْقَصَبُ بِالْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَزَعَمَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُتَوَلِّي الْقَصَبَ الْفَارِسِيَّ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى، وَالتَّمْثِيلُ بِالْهِنْدَبَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَهِيَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا تُمَدُّ كَمَا فِي النَّظْمِ وَتُقْصَرُ أَرْبَعُ لُغَاتٍ (وَ) تَتَنَاوَلُ الْمَذْكُورَاتُ أَيْضًا بَذْرًا (دَائِمًا نَبَاتُهُ إنْ يُبْذَرْ) كَنَوَى التَّمْرِ، وَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ وَبَزْرِ الْكُرَّاثِ لِمَا مَرَّ (لَا الزَّرْعَ) الَّذِي تُؤْخَذُ فَائِدَتُهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ (وَ) لَا (الْبَذْرَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَذْرَ الزَّرْعِ الْمَذْكُورِ.

(وَ) لَا (نَحْوَ الْجَزَرِ) كَالثُّومِ، وَالْفُجْلِ فَلَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَذْكُورَاتُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلدَّوَامِ كَمَنْقُولَاتِ الدَّارِ.

(وَخُيِّرَ) فِي الْفَسْخِ الْمُشْتَرِي (الْجَاهِلُ) بِكَوْنِ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا تَتَنَاوَلُهُ كَأَنْ كَانَتْ رُؤْيَتُهُ لِلْأَرْضِ سَابِقَةً عَلَى الْمَبِيعِ لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ بِخِلَافِ الْعَالِمِ بِذَلِكَ لَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ أَمْرٌ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْحَصَادِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ أَنَّ اشْتِغَالَ الْأَرْضِ بِمَا ذُكِرَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِالْأَمْتِعَةِ (لَا إنْ جَعَلَهْ) أَيْ مَا فِي الْأَرْضِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (أَوْ التَّفْرِيغَ مِنْهُ كَفَلَهْ) أَيْ أَوْ تَكَفَّلَ لَهُ بِتَفْرِيغِهَا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَضُرَّ بِهَا التَّفْرِيغُ (وَقَصُرَ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ التَّفْرِيغِ بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ خِيَارَهُ فِيهِمَا لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ فِي الْأُولَى وَتَدَارُكِهِ حَالًا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ ابْتَاعَ دَارًا

ــ

[حاشية العبادي]

فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ حَتَّى يُنْتَفَعَ بِهِ وَشَجَرُ الْخِلَافِ كَالْقَصَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ) أَيْ: مَعَ وُجُودِ شَرْطِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ) أَيْ: فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ قَطْعِ الْجِزَّةِ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبِيعٍ بِخِلَافِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُنْتَفَعًا بِهِ لَا كَكُمَّثْرَى كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِيهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى طَرِيقِ الْجُمْهُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّرْحِ وَهِيَ لَا يُعْتَبَرُ عَلَيْهَا اشْتِرَاطُ الْقَطْعِ فَيَكُونُ التَّنْظِيرُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا أَيْ: فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ قَطْعِ الْجِزَّةِ. . . إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ نَعَمْ قَدْ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُمَا كَالشَّيْخَيْنِ مِنْ اعْتِبَارِ شَرْطِ الْقَطْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى غَيْرِهِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ الصَّنِيعِ أَنَّ التَّقْدِيرَ، وَالْمَبِيعُ الْحَاصِلُ بِقَطْعِهِ النَّقْصُ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَخْ فَيُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي مَسْأَلَتِنَا الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْبَقْلِ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بَلْ الْمَقْطُوعُ الْجِزَّةُ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِقَطْعِهِ انْفِصَالُهُ عَنْ الْجِزَّةِ بِوَاسِطَةِ قَطْعِهَا هِيَ عَنْهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا نَحْوُ الْجَزَرِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ فِي الزَّرْعِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَالِمِ) لَوْ سَمَحَ لَهُ الْبَائِعُ حِينَئِذٍ فَقِيَاسُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَحْجَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَمَحَ بِهَا لِلْمُشْتَرِي الْعَالِمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ أَنَّ هُنَا كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا هُوَ مِنْ تَكْلِيفِ الْقَطْعِ لَا مِنْ وُجُوبِ الِاشْتِرَاطِ زي.

(قَوْلُهُ: يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُقْصَدُ لَهُ وَإِلَّا فَأَيُّ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ. . . إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ تَكْلِيفَ الْبَائِعِ قَطْعَ مَا اُسْتُثْنِيَ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ مِنْهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ، وَالثَّمَرَةَ الَّتِي يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مُنْتَفَعًا بِهِمَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ تِلْكَ الْأَرْضِ بِشَرْطِ قَطْعِ مَا ذُكِرَ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ. . . إلَخْ)

أَيْ فَإِنَّ بَيْعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ مَعَ كَوْنِهَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فَاسِدٌ وَهُنَا لَوْ كُلِّفَ الْقَطْعَ كَانَ كَتَكْلِيفِهِ بِالشَّرْطِ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ لَكِنَّهُ لَا يَفْسُدُ هُنَا مَعَ تَكْلِيفِهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا غَيْرُ مَبِيعٍ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَقَالَةَ السُّبْكِيّ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مُفَرَّعَةً عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُنَا وَلَعَلَّ السُّبْكِيَّ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقَصَبِ وَبَيْنَ مَا إذَا بَاعَ الشَّجَرَةَ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ فَإِنَّهَا لِلْبَائِعِ إنْ شُرِطَتْ لَهُ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْقُطُ خِيَارُهُ) وَهَذَا مَعْنَى وُجُوبِ الْقَبُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>