للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِثْبَاتًا) أَيْ ثُمَّ عَلَى إثْبَاتِ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ مَثَلًا وَاَللَّهِ مَا بِعْتُهُ بِمِائَةٍ بَلْ بِأَلْفٍ. وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي وَاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ بَلْ بِمِائَةٍ

أَمَّا حَلِفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ مُدَّعٍ وَأَمَّا أَنَّهُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى وَاحِدَةٌ وَمَنْفِيُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي ضِمْنِ مُثْبَتِهِ فَجَازَ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ لِلنَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ وَأَمَّا تَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ الْمُفَادِ بِالْفَاءِ فَلِأَنَّهُ أَصْلٌ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ قَوْلِهِ نَفْيُ قَوْلِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعَرُّضِ لَهُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ أَيْ غَيْرُ التَّصْرِيحِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْإِثْبَاتِ فَقَطْ اُكْتُفِيَ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالصَّرِيحِ وَلِهَذَا لَمْ يَكْتَفُوا بِقَوْلِهِ مَا بِعْتُ إلَّا بِكَذَا خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ وَقَوْلُ النَّظْمِ فِي يَمِينٍ مُتَعَلِّقُ بِحَلَفَ لِتَضَمُّنِهِ الْجَمِيعَ أَيْ حَلَفَ عَلَى النَّفْيِ ثُمَّ الْإِثْبَاتِ جَامِعًا لَهُمَا فِي يَمِينٍ وَتَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مَنْدُوبٌ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَبِالنَّدْبِ اتَّصَفْ تَرْتِيبُ ذَا) وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ وَخَرَجَ بِالِاخْتِلَافِ فِي وَصْفِ الْعَقْدِ الِاخْتِلَافُ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ فَقَالَ بَلْ وَهَبْتَنِي فَلَا تَحَالُفَ وَسَيَأْتِي وَبِعَقْدِ الْعِوَضِ غَيْرُهُ كَالْوَقْفِ، وَالْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ فَلَا تَحَالُفَ فِيهِ وَبِاعْتِرَافِهِمَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفَا بِهَا كَأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ بِأَلْفٍ فَقَالَ: بَلْ بِحُرٍّ أَوْ بِزِقِّ خَمْرٍ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا سَيَأْتِي نَعَمْ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ: بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِقِّ خَمْرٍ تَحَالَفَا بَعْدَ حَلِفِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَذِكْرُ اعْتِرَافِ الْعَاقِدَيْنِ بِالصِّحَّةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَبِقَوْلِهِ وَيَفْقِدَانِ بَيِّنَةً أَوْ لَهُمَا ثِنْتَانِ أَيْ وَلَمْ يُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ أَوْ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَأُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ الْمُفْرَدَةِ وَبِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ لِصَاحِبِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ لِتَسَاقُطِهِمَا وَقَوْلُهُ وَاعْتَرَفَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَيْ مَعَ بَقَائِهِ إلَى حَالَةِ التَّنَازُعِ فَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ مَعًا كَبِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ هَذِهِ الْأَمَةَ بِدِينَارٍ لَمْ يَتَحَالَفَا إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْآخَرِ (وَاقْضِ لِحَالِفٍ عَلَى مُنَازِعٍ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى إثْبَاتِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّعْقِيبَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا أَنَّهُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ. . . إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ قَوِيٌّ بِكِفَايَةِ الْيَمِينَيْنِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ إثْبَاتُ قَوْلِهِ هُوَ (قَوْلُهُ فَقَالَ أَوْ بِزِقِّ خَمْرٍ. . . إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَفِيمَا إذَا قَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتُ بِخَمْرٍ، أَوْ ثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ بِأَلْفٍ مَثَلًا لَا يُمْكِنُ قَبُولُ قَوْلِ الْبَائِعِ بَلْ يُحْبَسُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُبَيِّنَ ثَمَنًا فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا وَوَافَقَهُ الْآخَرُ فَذَاكَ وَإِلَّا تَحَالَفَا اهـ.

(قَوْلُهُ: تَحَالَفَا بَعْدَ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ حَلَفَ أَيْ الْبَائِعُ عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ تَحَالَفَا اهـ وَقَوْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَمْ يُسَمِّ فِي الْعَقْدِ خَمْرًا. اهـ. وَلَا يَظْهَرُ التَّحَالُفُ بِمُجَرَّدِ حَلِفِ الْبَائِعِ عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ بَلْ يَنْبَغِي بَعْدَ حَلِفِهِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِبَيَانٍ صَحِيحٍ فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا وَوَافَقَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِلَّا تَحَالَفَا أَخْذًا مِمَّا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْقَاضِي

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَقَايَلَا. . . إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ لِتَلَفِ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ.

(قَوْلُهُ: وَاقْضِ لِحَالِفٍ. . . إلَخْ) هَلْ شَرْطُ الْقَضَاءِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ نُكُولِ النَّاكِلِ حَتَّى لَوْ بَدَأَ بِالْبَائِعِ فَحَلَفَ ثُمَّ نَكَلَ الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُشْتَرِي هُوَ عِشْرُونَ مَثَلًا وَقَالَ الْبَائِعُ عَشَرَةٌ صُدِّقَ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ أَمَّا لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يَكُنْ خِيَارٌ فَلَا انْفِسَاخَ فَإِذَا حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ تَحَالَفَا وَإِنَّمَا قُيِّدَتْ الْإِقَالَةُ بِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ إلَّا حِينَئِذٍ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَتَأَتَّى لِأَنَّهُ يَكُونُ بِيَدِ بَائِعِهِ حِينَئِذٍ أَمَّا الثَّمَنُ فَسَيَتَأَتَّى فِيهِ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَهُ وَيَكُونُ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعَ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي م ر، وَالْمَنْهَجِ وَحَوَاشِيهِمَا (قَوْلُهُ: حَلَفَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) أَيْ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا إلَّا نَحْوَ الْوَارِثِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَقَطْ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ) لَكِنْ يَلْزَمُ حَلِفُهُ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ أَيْضًا وَلَمْ تُعْهَدْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ لِإِثْبَاتِ مَا يَدَّعِيهِ بَلْ لِرَجَاءِ النُّكُولِ فَيَثْبُتُ الْعَقْدُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ. . . إلَخْ) وَيَرْتَفِعُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ فَيَبْقَى الْعَبْدُ، وَالْجَارِيَةُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الدِّرْهَمِ الَّذِي يَدَّعِيهِ ثَمَنًا إنْ كَانَ قَبَضَهُ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>