للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ (مِنْ وَاحِدٍ قَدْ نَكَلَا) أَيْ نَكَلَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ النَّفْيِ أَوْ الْإِثْبَاتِ أَوْ عَنْهُمَا الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَجَعَلَ النُّكُولَ عَنْ أَحَدِهِمَا كَالنُّكُولِ عَنْهُمَا لِاتِّصَالِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَلَوْ نَكَلَا جَمِيعًا وُقِفَ الْأَمْرُ وَكَأَنَّهُمَا تَرَكَا الْخُصُومَةَ وَلَوْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَهَلْ يَقْضِي بِيَمِينِ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةِ الْمَجْنُونِ فَلَعَلَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَجْهَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ الثَّانِيَ (نَدْبًا بَدَا) بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا لِلْوَزْنِ أَيْ وَبَدَأَ بِالْيَمِينِ نَدْبًا (مُكَاتِبٌ بِالْكَسْرِ) لِلتَّاءِ أَيْ سَيِّدٌ فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ (وَبَائِعٌ) فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ الْمُرَتَّبِ عَلَى التَّحَالُفِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ تَبَادَلَا مُعَيَّنًا بِمُعَيَّنٍ أَوْ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَتَّجِهُ إلَّا التَّسْوِيَةُ فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ.

وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَاذَا وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ قُوَّةُ جَانِبٍ عَلَى جَانِبٍ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ الْأَقْوَالِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَقَدْ يُمْنَعُ فَقْدُهُ لِأَنَّ جَانِبَ الْبَائِعِ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِوَضَانِ فِيمَا ذَكَرَ فَتَأَمَّلْ وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي مُجَلِّي وَالْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمُهَذَّبِ (وَ) بَدَأَ بِالْيَمِينِ (زَوْجُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (فِي الْمَهْرِ) لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ التَّمَتُّعِ لَهُ كَمَا قَوِيَ جَانِبُ الْبَائِعِ بِعَوْدِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ وَلِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ يَظْهَرُ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْبُضْعِ وَهُوَ بَاذِلُهُ فَكَانَ كَبَائِعِهِ (لَا مُسْلِمٌ) فِي السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَا يُبْدَأُ بِهِ بَلْ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ سَالِمٌ مِمَّا يُوهِمُهُ قَوْلُ الْحَاوِي بَدَأَ الْبَائِعُ نَدْبًا مِنْ تَعَلُّقِ النَّدْبِ بِمَسْأَلَةِ الْبَائِعِ فَقَطْ.

(ثُمَّ) بَعْدَ التَّحَالُفِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إذْ الْيَمِينُ لَا تَزِيدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ بَلْ (الَّذِي قَدْ حَكَمَا) أَيْ الْحَاكِمُ (يَفْسَخُهُ) وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسَا مِنْهُ الْفَسْخَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (أَوْ) يَفْسَخُهُ (مَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا) الْفَسْخَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَعَمْ إنْ تَرَاضَيَا بِمَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا فَسْخَ ثُمَّ الْفَسْخُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إلَّا إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا

ــ

[حاشية العبادي]

الْبَائِعِ أَيْضًا الْآنَ إذْ لَا يُقْضَى بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ عِبَارَاتِهِمْ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَكَلَ الْمَبْدُوءُ بِهِ فَهَلْ يَكْفِي الْآخَرَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ بَعْدَ النُّكُولِ فَتَكْفِي عَنْ يَمِينِ الْأَصْلِ وَيَمِينِ النُّكُولِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالِاكْتِفَاءُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى) ، وَالْأَصْلُ فِي الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ جَانِبُهُ أَقْوَى (قَوْلُهُ وَبَائِعٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا، وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَفِي الْعَكْسِ يُبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي وَفِيمَا إذَا كَانَا مُعَيَّنَيْنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ يَسْتَوِيَانِ فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَجْتَهِدَ بِالْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا اهـ وَهَلْ التَّعْيِينُ فِي الْمَجْلِسِ كَالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ الْقِيَاسُ نَعَمْ (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ بَلْ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّرْحِ وَفِي هَامِشِهِ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ مُعَيَّنَيْنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ اسْتَوَيَا بِأَنْ يَتَخَيَّرَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ مُعَيَّنًا بَدَأَ بِصَاحِبِهِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا وَحِينَئِذٍ تُشْكِلُ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا بُدَّ رَأْسُ الْمَالِ تَارَةً يَكُونُ مُعَيَّنًا وَتَارَةً يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ فَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَدَأَ بِالْمُسْلِمِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ اسْتَوَيَا فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِلتَّوْجِيهِ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ مَا نَصُّهُ لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُسْلِمَ كَالْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ فَكَانَ الْقِيَاسُ الْبُدَاءَةَ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ قَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ صَيَّرَهُ أَقْوَى جَانِبًا مِنْ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ فَازَ بِعِوَضِهِ النَّاجِزِ فَلِذَا قُدِّمَ عَلَيْهِ وَأَمَّا ثَمَّ فَالْمُشْتَرِي أَقْوَى لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسَا. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَلْ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ. اهـ. وَجَزَمَ فِي الْمَنْهَجِ بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ ثَمَّ أَيْ: بَعْدَ التَّحَالُفِ إنْ أَعْرَضَا أَيْ: عَنْ الْخُصُومَةِ أَوْ تَرَاضَيَا أَيْ: بِمَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا أَيْ: فَيُعْرِضُ عَنْهُمَا فِي الْأُولَى وَيَبْقَى الْعَقْدُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا فَإِنْ سَمَحَ أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ الْآخَرُ وَإِلَّا فَسَخَا، أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ الْفَسْخُ فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَ فَوْرِيًّا عَلَى الْأَشْبَهِ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي فَذَاكَ وَإِلَّا أُبْقِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى اعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي كَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَيَتَصَرَّفُ الْبَائِعُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى مُدَّعَاهُ سُلِّمَتْ الْأَمَةُ لِلْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُ هُوَ الدِّينَارَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَإِلَّا أُبْقِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى اعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدِّرْهَمُ أَيْضًا بِمُقْتَضَى بَيِّنَةِ الْبَائِعِ أَمْ لَا حَرِّرْهُ. اهـ. مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ مَا عَدَا قَوْلَنَا وَانْظُرْ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْآخَرِ) وَلَا فَسْخَ لِأَنَّهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ بَيْعِ الْأَمَةِ فَانْتَفَى، وَالْآخَرُ عَلَى نَفْيِ بَيْعِ الْعَبْدِ فَانْتَفَى. اهـ. م ر وَع ش.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ) كَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ أَيْ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ يَعُودُ إلَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يُمْنَعُ. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّحَالُفِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ فَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسَا مِنْهُ الْفَسْخَ) أَيْ مَا لَمْ يَعْرَ هُنَا عَنْ الْخُصُومَةِ وَإِلَّا فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>