رضي الله تعالى عنه قالت:«كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخلى بينهم وبين ضربهن، ثم قال: ولن يضرب خياركم»
وذكر الشعراني قدس سره «أن الرجل إذا ضرب زوجته ينبغي أن لا يسرع في جماعها بعد الضرب، وكأنه أخذ ذلك مما أخرجه الشيخان.
وجماعة عن عبد الله بن زمعة قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم، وأخرج عبد الرزاق عن عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ «أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يجامعها آخره»
وللخبر محمل آخر لا يخفى فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ أي وافقنكم وانقدن لما أوجب الله تعالى عليهن من طاعتكم بذلك كما هو الظاهر فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أي فلا تطلبوا سبيلا وطريقا إلى التعدي عليهن، أو لا تظلموهن بطريق من الطرق بالتوبيخ اللساني والأذى الفعلي وغيره واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن، فالبغي إما بمعنى الطلب، وسَبِيلًا مفعوله والجار متعلق به، أو صفة النكرة قدم عليها، وإما بمعنى الظلم، وسَبِيلًا منصوب بنزع الخافض، وعن سفيان بن عيينة أن المراد فلا تكلفوهن المحبة، وحاصل المعنى إذا استقام لكم ظاهرهن فلا تعتلوا عليهن بما في باطنهن إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً فاحذروه فإن قدرته سبحانه عليكم أعظم من قدرتكم على من تحت أيديكم منهن، أو أنه تعالى على علو شأنه وكمال ذاته يتجاوز عن سيئاتكم ويتوب عليكم إذا تبتم فتجاوزوا أنتم عن سيئات أزواجكم واعفوا عنهن إذا تبن، أو أنه تعالى قادر على الانتقام منكم غير راض بظلم أحد، أو أنه سبحانه مع علوه المطلق وكبريائه لم يكلفكم إلا ما تطيقون فكذلك لا تكلفوهن إلا ما يطقن وَإِنْ خِفْتُمْ الخطاب- كما قال ابن جبير والضحاك وغيرهما- للحكام، وهو وارد على بناء الأمر على التقدير المسكوت عنه للإيذان أن ذلك مما ليس ينبغي أن يفرض تحققه أعني عدم الإطاعة، وقيل: لأهل الزوجين أو للزوجين أنفسهما، وروي ذلك عن السدي، والمراد فإن علمتم- كما قال ابن عباس- أو فإن ظننتم- كما قيل- شِقاقَ بَيْنِهِما أي الزوجين، وهما وإن لم يجر ذكرهما صريحا فقد جرى ضمنا لدلالة النشوز الذي هو عصيان المرأة زوجها، والرجال والنساء عليهما، والشقاق الخلاف والعداوة واشتقاقه من الشق وهو الجانب لأن كلّا من المتخالفين في شق غير شق الآخر، وبين- من الظروف المكانية التي يقل تصرفها، وإضافة الشقاق إليها إما لإجراء الظرف مجرى المفعول كما في قوله: يا سارق الليلة أهل الدار. أو الفاعل كقولهم صام نهاره، والأصل- شقاقا بينهما- أي أن يخالف أحدهما الآخر، فللملابسة بين الظرف والمظروف نزل منزلة الفاعل أو المفعول وشبه بأحدهما ثم عومل معاملته في الإضافة إليه، وقيل: الإضافة بمعنى في وقيل: إن- بين- هنا بمعنى الوصل الكائن بين الزوجين أعني المعاشرة وهو ليس بظرف، وإلى ذلك يشير كلام أبي البقاء، ولم يرتض ذلك المحققون.
فَابْعَثُوا أي وجهوا وأرسلوا إلى الزوجين لإصلاح ذات البين حَكَماً أي رجلا عدلا عارفا فأحسن السياسة والنظر في حصول المصلحة مِنْ أَهْلِهِ أي الزوج، و «من» إما متعلق- بابعثوا- فهو لابتداء الغاية، وإما بمحذوف وقع صفة للنكرة فهي للتبعيض وَحَكَماً آخر على صفة الأول مِنْ أَهْلِها أي الزوجة، وخص الأهل لأنهم أطلب للصلاح وأعرف بباطن الحال وتسكن إليهم النفس فيطلعون على ما في ضمير كل من حب وبغض، وإرادة صحبة، أو فرقة وهذا على وجه الاستحباب، وإن نصبا من الأجانب جاز، واختلف في أنهما هل يليان الجمع والتفريق إن رأيا ذلك؟ فقيل: لهما- وهو المروي عن علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وإحدى الروايتين عن ابن جبير، وبه قال الشعبي-
فقد أخرج الشافعي في الإمام والبيهقي في السنن وغيرهما عن عبيدة السلماني قال: «جاء رجل وامرأة إلى عليّ كرم الله تعالى وجهه مع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم عليّ كرم