مكية وآيها إحدى عشرة آية بلا خلاف. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى [الليل: ١٧] وكان سيد الأتقين رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عقب سبحانه ذلك بذكر نعمه عز وجل عليه صلّى الله عليه وسلم وقال الإمام: لما كانت الأولى سورة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وهذه سورة رسول الله صلّى الله عليه وسلم عقب جل وعلا بها ولم يجعل بينهما واسطة ليعلم أن لا واسطة بين رسوله صلّى الله عليه وسلم والصديق رضي الله تعالى عنه، وتقديم سورة الصديق على سورته عليه الصلاة والسلام لا يدل على أفضليته منه صلّى الله عليه وسلم ألا ترى أنه تعالى أقسم أولا بشيء من مخلوقاته سبحانه ثم أقسم بنفسه عز وجل في عدة مواضع منها السورة السابقة على ما علمت، والخدم قد تتقدم بين يدي السادة وكثير من السنن أمر بتقديمه على فروض العبادة ولا يضر النور تأخره عن أغصانه ولا السنان كونه في أطراف مرّانه ثم إن ما ذكره زهرة ربيع لا تتحمل الفرك كما لا يخفى.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالضُّحى تقدم الكلام فيه والمراد به هنا وقت ارتفاع الشمس الذي يلي وقت بروزها للناظرين دون ضوئها وارتفاعها لأنه أنسب بما بعد. وتخصيصه بالإقسام به لأنه شباب النهار وقوله فيه قوة غير قريبة من ضدها. ولذا عد شرفا يوميا للشمس وسعدا ولأنه على ما قالوا الساعة التي كلم الله تعالى فيها موسى عليه السلام وألقى فيه السحرة سجدا لقوله تعالى وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى [طه: ٥٩] ففيه مناسبة للمقسم عليه وهو أنه تعالى لم يترك النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يفارقه إلطافه تعالى وتكليمه سبحانه. وقيل المراد به النهار كما في قوله تعالى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى [الأعراف: ٩٨] واعتراض بالعرق فإنه وقع هناك في مقابلة البيات وهو مطلق الليل، وهنا في مقابلة الليل مقيدا معنى باشتداد ظلمته فالمناسب أن يراد به وقت ارتفاعه وقوة إضاءته. وأجيب بمنع دلالة القيد على الاشتداد وستسمع إن شاء الله تعالى ما في ذلك وأيّا ما كان فالظاهر أن المراد الجنس أي وجنس الضحى وَاللَّيْلِ أي وجنس الليل إِذا سَجى أي سكن أهله