عربية جائزة وفي الكشاف قرىء بإدغام اللام في الراء وبالإظهار والإدغام أجود وأميلت الألف وفخمت فليحفظ.
كَلَّا ردع وزجر عن الكسب الرائن أو بمعنى حقا إِنَّهُمْ أي هؤلاء المكذبين عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ لا يرونه سبحانه وهو عز وجل حاضر ناظر لهم بخلاف المؤمنين فالحجاب مجاز عن عدم الرؤية لأن المحجوب لا يرى ما حجب أو الحجب المنع والكلام على حذف مضاف أي عن رؤية ربهم لممنوعون فلا يرونه سبحانه. واحتج بالآية مالك على رؤية المؤمنين له تعالى من جهة دليل الخطاب وإلّا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص. وقال الشافعي: لما حجب سبحانه قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا. وقال أنس بن مالك: لما حجب عز وجل أعداءه سبحانه فلم يروه تجلى جل شأنه لأوليائه حتى رأوه عز وجل، ومن أنكر رؤيته تعالى كالمعتزلة قال: إن الكلام تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للوجهاء المكرمين لديهم، ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء المهانون عندهم كما قال:
إذا اعتروا باب ذي عبية رجبوا ... والناس من بين مرجوب ومحجوب
أو هو بتقدير مضاف أي عن رحمة ربهم مثلا لمحجوبون. وعن ابن عباس وقتادة ومجاهد تقدير ذلك وعن ابن كيسان تقدير الكرامة لكنهم أرادوا عموم المقدر للرؤية وغيرها من ألطافه تعالى. والجار والمجرور متعلق «بمحجوبون» وهو العالم في يَوْمَئِذٍ والتنوين فيه تنوين عوض والمعوض عنه هنا يقوم الناس السابق كأنه قيل إنهم لمحجوبون عن ربهم يوم إذ يقوم الناس لرب العالمين ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ مقاسو حرها على ما قال الخليل. وقيل: داخلون فيها وثُمَّ قيل لتراخي الرتبة لكن بناء على ما عندهم فإن صلي الجحيم عندهم أشد من حجابهم عن ربهم عز وجل، وأما عند المؤمنين لا سيما الوالهين به سبحانه منهم فإن الحجاب عذاب لا يدانيه عذاب.
ثُمَّ يُقالُ لهم تقريعا وتوبيخا من جهة الخزنة أو أهل الجنة هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ فذوقوا عذابه كَلَّا تكرير للردع السابق في قوله تعالى كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ إلخ ليعقب بوعد الأبرار كما عقب ذاك بوعيد الفجار إشعارا بأن التطفيف فجور والإيقاء بر، وقيل ردع عن التكذيب فلا تكرار إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ الكلام نحو ما مر في نظيره بيد أنهم اختلفوا في عِلِّيِّينَ