إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ استئناف لبيان قصته عليه السلام، وجوز كونه لتعليل قوته في الدين وأوابيته إلى الله عزّ وجلّ، ومع متعلقة بسخر، وإيثارها على اللام لأن تسخير الجبال له عليه السلام لم يكن بطريق تفويض التصرف الكلي فيها إليه كتسخير الريح وغيرها لسليمان عليه السلام بل بطريق الاقتداء به في عبادة الله تعالى:
وأخر الظرف المذكور عن الْجِبالَ وقدم في سورة [الأنبياء: ٧٩] فقيل: وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ قال بعض الفضلاء: لذكر داود وسليمان ثمت فقدم مسارعة للتعيين ولا كذلك هنا، وجوز تعلقها بقوله تعالى:
يُسَبِّحْنَ وهو أقرب بالنسبة إلى آية الأنبياء، وتسبيحهن تقديس بلسان قال لائق بهن نظير تسبيح الحصى المسموع في كف النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: تقديس بلسان الحال وتقييده بالوقتين المذكورين بعد يأباه إذ لا اختصاص لتسبيحهن الحالي بهما وكذا لا اختصاص له بكونه معه، وقيل المعنى يسرن معه على أن يسبحن من السباحة، والجملة حال من الْجِبالَ والعدول عن مسبحات مع أن الأصل في الحال الإفراد للدلالة على تجدد التسبيح حالا بعد حال نظير ما في قول الأعشى:
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار في يفاع تحرق
وجوز أن تكون مستأنفة لبيان كيفية التسخير ومقابلتها بمحشورة هنا كالمعينة للحالية بِالْعَشِيِّ هو كما قال الراغب: من زوال الشمس إلى الصباح أي يسبحن بهذا الوقت وليس ذلك نصا في استيعابه بالتسبيح وَالْإِشْراقِ أي وقت الإشراق، قال ثعلب: يقال شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت وصفت فوقت الإشراق وقت ارتفاعها عن الأفق الشرقي وصفاء شعاعها وهو الضحوة الصغرى
وروي عن أم هانىء بنت أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى وقال: هذه صلاة الإشراق
. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال: