وأنت تعلم هذا رأي الكوفية ومذهب البصرية وجوب إبراز الضمير في ذلك مطلقا وفي البيت كلام وقيل يجوز كونه حالا مقدرة من ضمير صَبَرُوا وليس بذاك والْأَرائِكِ جمع أريكة وهي السرير في الحجلة من دونه ستر ولا يسمى مفردا أريكة وقيل هو كل ما اتكئ عليه من سرير أو فراش أو منصة وكان تسميته بذلك لكونه مكانا للإقامة أخذا من قولهم أرك بالمكان أروكا أقام، وأصل الأروك الإقامة على رعي الأراك الشجر المعروف ثم استعمل في غيره من الإقامات وقوله تعالى لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً إما حال ثانية من الضمير أو حال من المستكن في مُتَّكِئِينَ وجوز فيه كونه صفة لجنة أيضا والمراد من ذلك أن هواءها معتدل لا حر شمس يحمي ولا شدة برد يؤذي. وفي الحديث:«هواء الجنة سجسج لا حر ولا قر» فقصد بنفي الشمس نفيها ونفي لازمها معا لقوله سبحانه وَلا زَمْهَرِيراً فكأنه قيل لا يرون فيها حرا ولا قرا.
وقيل الزمهرير القمر وعن ثعلب أنه في لغة طيىء وأنشد:
وليلة ظلامها قد اعتكر ... قطعتها والزمهرير ما زهر
وليس هذا لأن طبيعته باردة كما قيل لأنه في حيز المنع بل قيل إنه برهن على أن الأنوار كلها حارة فيحتمل أن ذلك للمعانه أخذا له من ازمهر الكوكب لمع، والمعنى على هذا القول أن هواءها مضيء بذاته لا يحتاج إلى شمس ولا قمر. وفي الحديث: إن الجنة لا خطر بها هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد الحديث ثم إنها مع هذا قد يظهر فيها نور أقوى من نورها كما تشهد به الأخبار الصحيحة. وفي بعض الآثار عن ابن عباس بينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا ضوءا كضوء الشمس وقد أشرقت الجنان به فيقول أهل الجنة: يا رضوان ما هذا وقد قال ربنا لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً فيقول لهم رضوان: ليس هذا بشمس ولا قمر ولكن علي وفاطمة رضي الله تعالى عنهما ضحكا فأشرقت الجنان من نور ثغريهما.
وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها عطف على الجملة وحالها حالها أو صفة لمحذوف معطوف على جنة فيما سبق أي وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها على أنهم وعدوا جنتين كما في قوله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ