للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شائبة من دخول الاستفهام على الاستفهام، وما تقدم أبعد مغزى، وماذا تحتمل أن تكون بجملتها استفهاما منصوب المحل بخبر كان وهو تَعْمَلُونَ أو مرفوعة على الابتداء والجملة بعده خبره والرابط محذوف أي تعملونه، وتحتمل أن تكون (ما) فيها استفهاما، وذا اسم موصول بمعنى الذي، وهما مبتدأ وخبر والجملة بعد صلة الموصول والعائد إليه محذوف.

وقرأ أبو حيوة- «أما ذا» - بتخفيف الميم وفيها دخول الاستفهام على الاستفهام وقد سمعت وجهه.

وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ حل بهم العذاب الذي هو مدلول القول الناطق بحلوله وهو كبهم في النار بِما ظَلَمُوا أي بسبب ظلمهم الذي هو تكذيبهم بآيات الله تعالى فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ بحجة لانتفائها عنهم بالكلية وابتلائهم بما حل بهم من العذاب الأليم، وقيل: يختم على أفواههم فلا يقدرون على النطق بشيء أصلا.

وفي البحر أن انتفاء نطقهم يكون في موطن من مواطن القيامة أو من فريق من الناس لأن القرآن الكريم ناطق بأنهم ينطقون في بعض المواطن بأعذار وما يرجون به النجاة من النار.

أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ الرؤية قلبية لا بصرية لأن نفس الليل والنهار وإن كانا من المبصرات لكن جعلهما كما ذكر من قبيل المعقولات أي ألم يعلموا أنا جعلنا الليل بما فيه من الإظلام ليستريحوا فيه بالقرار والنوم، قال بعض الرجاز:

النوم راحة القوى الحسية ... من حركات والقوى النفسية

وَالنَّهارَ مُبْصِراً أي ليبصروا بما فيه من الإضاءة طرق التقلب في أمور معاشهم فبولغ حيث جعل الابصار الذي هو حال الناس حالا له ووصفا من أوصافه التي جعل عليها بحيث لا ينفك عنها، ولم يسلك في الليل هذا المسلك لما أن تأثير ظلام الليل في السكون ليس بمثابة تأثير ضوء النهار في الابصار، والمشهور أن في الآية صنعة الاحتباك والتقدير جعلنا الليل مظلما ليسكنوا فيه والنهار مبصرا لينتشروا فيه إِنَّ فِي ذلِكَ أي في جعلهما كما وصفا وما في اسم الإشارة من معنى البعد للإشعار ببعد درجته في الفضل لَآياتٍ عظيمة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فإنه يدل على التوحيد وتجويز الحشر وبعث الرسل عليهم السلام لأن تعاقب النور والظلمة على وجه مخصوص غير متعين

<<  <  ج: ص:  >  >>