وتسمى سورة الغرف كما في الإتقان والكشاف لقوله تعالى: لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ [الزمر: ٢٠] أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنها أنزلت بمكة ولم يستثن، وأخرج النحاس عنه أنه قال: نزلت سورة الزمر بمكة سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ [الزمر: ٥٣] إلى ثلاث آيات، وزاد بعضهم قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الزمر: ١٠] الآية ذكره السخاوي في جمال القراء وحكاه أبو حيان عن مقاتل، وزاد بعض اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [الزمر: ٢٣] حكاه ابن الجوزي، والمذكور في البحر عن ابن عباس استثناء اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وقوله تعالى: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا إلخ، وعن بعضهم إلا سبع آيات من قوله سبحانه قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا إلى آخر السبع وأيها خمس وسبعون في الكوفي وثلاث في الشامي واثنتان في الباقي وتفصيل الاختلاف في مجمع البيان وغيره، ووجه اتصال أولها بأخر صاد انه قال سبحانه هناك: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ [ص: ٨٧] وقال جل شأنه هنا تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ [الزمر: ١] وفي ذلك كمال الالتئام بحيث لو أسقطت البسملة لم يتنافر الكلام ثم إنه تعالى ذكر آخر ص قصة خلق آدم وذكر في صدر هذه قصة خلق زوجه منه وخلق الناس كلهم منه وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم خلقا من بعد خلق ثم ذكر أنهم ميتون ثم ذكر سبحانه القيامة والحساب والجنة والنار وختم بقوله سبحانه:
وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الزمر: ٧٥] فذكر جل شأنه أحوال الخلق من المبدأ إلى آخر المعاد متصلا بخلق آدم عليه السلام المذكور في السورة قبلها وبين السورتين أوجه أخر من الربط تظهر بالتأمل فتأمل.