وتسمى سورة عم وعم يتساءلون والتساؤل والمعصرات وهي مكية بالاتفاق وآيها إحدى وأربعون في المكي والبصري وأربعون في غيرهما. ووجه مناسبتها لما قبلها اشتمالها على إثبات القدرة على البعث الذي دلّ ما قبل على تكذيب الكفرة به وفي تناسق الدرر وجه اتصالها بما قبل تناسبها معها في الجمل فإن في تلك أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ [المرسلات: ١٦] أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ [المرسلات: ٢٠] أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً [المرسلات: ٢٥] إلخ وفي هذه أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً [النبأ: ٦] إلخ مع اشتراكها والأربع قبلها في الاشتمال على وصف الجنة والنار وما وعد المدثر أيضا في سورة المرسلات لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ [المرسلات: ١٣] وفي هذه إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً [النبأ: ١٧] إلخ ففيها شرح يوم الفصل المجمل ذكره فيا قبلها اهـ. وقيل إنه تعالى لما ختم تلك بقوله سبحانه فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [المرسلات: ٢٥] وكان المراد بالحديث فيه القرآن افتتح هذه بتهويل التساؤل عنه والاستهزاء به وهو مبني على ما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة أن المراد بالنبإ العظيم القرآن والجمهور على أنه البعث وهو الأنسب بالآيات بعد كما ستعرفه إن شاء الله تعالى.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَمَّ أصله عما على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية فحذفت الألف وعلل بالتفرقة بينها وبين الخبرية والإيذان بشدة الاتصال وكثرة الدوران وحال العلل النحوية معلوم. وقد قرأ عبد الله وأبيّ وعكرمة وعيسى بالألف على الأصل وهو قليل الاستعمال وقال ابن جنّي إثبات الألف أضعف اللغتين