للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنت تعلم أنه إذا صح أنه قرأ به الأمير كرم الله تعالى وجهه ومن معه من أكابر الصحابة فليس لأحد رده من حيث الشذوذ في الاستعمال، وعائشة قد حكي عنها الاجازة أيضا.

إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى متعلق برآه: وقيل: بما بعد من الجملة المنفية ولا يضر التقدم على ما النافية للتوسع في الظرف. والغشيان بمعنى التغطية والستر، ومنه الغواشي أو بمعنى الإتيان يقال فلان يغشى زيدا كل حين أي يأتيه. والأول هو الأليق بالمقام، وفي إبهام ما يَغْشى من التفخيم ما لا يخفى فكأن الغاشي أمر لا يحيط به نطاق البيان ولا تسعه أردان الأذهان، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورتها البديعة، وجوز أن يكون للإيذان باستمرار الغشيان بطريق التجدد، وورد في بعض الأخبار تعيين هذا الغاشي، فعن الحسن غشيها نور رب العزة جل شأنه فاستنارت. ونحوه ما روي عن أبي هريرة يغشاها نور الخلاق سبحانه، وعن ابن عباس غشيها رب العزة وجل وهو من المتشابه، وقال ابن مسعود ومجاهد وإبراهيم: يغشاها جراد من ذهب، وروي عن مجاهد أن ذلك تبدل أغصانها لؤلؤا وياقوتا وزبرجدا.

وأخرج عبد بن حميد عن سلمة قال: استأذنت الملائكة الرب تبارك وتعالى أن ينظروا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فأذن له فغشيت الملائكة السدرة لينظروا إليه عليه الصلاة والسلام،

وفي حديث «رأت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله تعالى»

وقيل: يغشاها رفرف من طير خضر، والإبهام على هذا كله على نحو ما تقدم.

ما زاغَ الْبَصَرُ أي ما مال بصر رسول الله صلى الله تعالى عليه عما رآه وَما طَغى وما تجاوزه بل أثبته إثباتا صحيحا مستيقنا، وهذا تحقيق للأمر ونفي للريب عنه، أو ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها وما جاوزها إلى ما لم يؤمر برؤيته.

لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى أي والله رأى الآيات الكبرى من آياته تعالى وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج- فالكبرى- صفة موصوف محذوف مفعول لرأى أقيمت مقامه معد حذفه وقدر مجموعا ليطابق الواقع،

<<  <  ج: ص:  >  >>