للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحية بينهم ضرب وجيع أو رد وإنكار لشعورهم على أن الإضراب إبطالي فافهم، وقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ كالبيان لجهلهم بالآخرة وعما هم منها ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز صلته والإشعار بعلة حكمهم الباطل الذي تضمنه مقول القول، وإذا. ظرف لمحذوف دل عليه مخرجون. أي أنخرج إذا كنا ترابا ولا مساغ لأن يكون ظرفا لَمُخْرَجُونَ لأن كلا من الهمزة وإن واللام على ما قيل: مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها فكيف بها إذا اجتمعت، ولم يعتبر بعضهم اللام مانعة بناء على ما قرر في النحو من جواز تقدم معمول خبر إن المقرون باللام عليه نحو إن زيدا طعامك لآكل، ويكفي حينئذ مانعان وأظن أن من قال: يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها لا يقول باطراد الحكم في مثل هذا الموضع ومرادهم بالإخراج الإخراج من القبور، وجوز أن يكون الإخراج من حال الفناء إلى الحياة، والأول هو الظاهر، وتقييد الإخراج بوقت كونهم ترابا ليس لتخصيص الإنكار بالإخراج حينئذ فقط فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت مطلقا وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار بتوجيهه إلى الإخراج في حالة منافية له بزعمهم، وقوله سبحانه: وَآباؤُنا عطف على اسم كان واستغنى بالفصل بالخبر عن الفصل بالتأكيد، وتكرير الهمزة في أإنا. للمبالغة والتشديد في الإنكار، وتحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما يوهمه ظاهر النظم الكريم، فإن تقديم الهمزة لأصالتها في الصدارة، والضمير في. أإنا. لهم ولآبائهم لأن الكون ترابا قد تناولهم وآباءهم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو. أئذا. وأ إنا. بالجمع بين الاستفهامين، وقلب الثانية ياء وفصل بينهما بألف أبو عمرو.

وقرأ نافع «إذا» بهمزة واحدة مكسورة فهمزة الاستفهام مقدرة مع الفعل المقدر لأن المعنى ليس على الخبر، وآينا، بهمزة الاستفهام وقلب الثانية ياء وبينهما مدة، وقرأ آخرون أئذا. باستفهام ممدود أننا بنونين من غير استفهام لَقَدْ وُعِدْنا هذا أي الإخراج المذكور نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ أي من قبل وعد محمد صلّى الله تعالى عليه وسلم، وتقديم الموعد على نَحْنُ هنا للدلالة على أنه هو الذي تعمد بالكلام وقصد به حتى كأن ما سواه مطرح وعلاوة له كما ينبىء عن ذلك ذكر ما صدر منهم أنفسهم مؤكدا مقررا مكررا وتأخيره عنه في آية سورة المؤمنين لرعاية الأصل، ولا مقتضى للعدول إذ لم يذكر هناك سوى أتباعهم أسلافهم في الكفر وإنكار البعث من غير نعي ذلك عليهم، والجملة استئناف مسوق لتقرير الإنكار وتصديرها بالقسم لمزيد التأكيد، وقوله تعالى: إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ تقرير إثر تقرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>