كذا وكذا؟ فيحسن فيه التكرير لاختلاف ما يقرر به وهو كثير في كلام العرب وأشعارهم كقول مهلهل يرثي كليبا:
على أن ليس عدلا من كليب ... إذا ما ضيم جيران المجير
على أن ليس عدلا من كليب ... إذا رجف العضاه من الدبور
على أن ليس عدلا من كليب ... إذا خرجت مخبأة الخدور
على أن ليس عدلا من كليب ... إذا ما أعلنت نجوى الأمور
على أن ليس عدلا من كليب ... إذا خيف المخوف من الثغور
على أن ليس عدلا من كليب ... غداة تأثل الأمر الكبير
على أن ليس عدلا من كليب ... إذا ما خار جأش المستجير
ثم أنشد قصائد أخرى على هذا النمط ولولا خوف الملل لأوردتها، ولا يرد على ما ذكره أن هذه الآية قد ذكرت بعد ما ليس نعمة لما ستعلمه إن شاء الله تعالى في محله، وقسم في الإتقان التكرار إلى أقسام، وذكر أن منه ما هو لتعدد المتعلق بأن يكون المكرر ثانيا متعلقا بغير ما تعلق به الأول ثم قال: وهذا القسم يسمى بالترديد وجعل منه قوله تعالى:
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من سورة الرحمن فإنها وإن تكررت إحدى وثلاثين مرة فكل واحدة تتعلق بما قبلها ولذلك زادت على ثلاثة ولو كان الجميع عائدا على شيء واحد لما زاد على ثلاثة لأن التأكيد لا يزيد عليها كما قال ابن عبد السلام وغيره، وهو حسن إلا أنه نظر في إطلاق قوله: إن التأكيد إلخ بأن ذلك في التأكيد الذي تابع أما ذكر الشيء في مقامات متعددة أكثر من ثلاثة فلا يمتنع وإن لزم منه التأكيد فافهم، وبدأ سبحانه من النعم بتعليم القرآن فقال عز قائلا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ لأنه أعظم النعم شأنا وأرفعها مكانا كيف لا وهو مدار للسعادة الدينية والدنيوية وعيار على الكتب السماوية ما من مرصد ترنو إليه أحداق الأمم إلا وهو منشؤه