وجوز جعل المحمود عليه جعل دلائل التوحيد بحيث لا ينكرها المكابر أيضا بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أن ذلك يلزمهم قيل: وفيه إيغال حسن كأنه قال سبحانه: وإن جهلهم انتهى إلى أن لا يعلموا أن الحمد لله ما موقعه في هذا المقام، وقد مر تمام الكلام في نظير الآية في العنكبوت فتذكر.
لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خلقا وملكا وتصرفا ليس لأحد سواه عزّ وجلّ استقلالا ولا شركة فلا يستحق العبادة فيهما غيره سبحانه وتعالى بوجه من الوجوه، وهذا إبطال لمعتقدهم من وجه آخر لأن المملوك لا يكون شريكا لمالكه فكيف يستحق ما هو حقه من العبادة وغيرها إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عن كل شيء الْحَمِيدُ المستحق للحمد وإن لم يحمده جلّ وعلا أحد أو المحمود بالفعل يحمده كل مخلوق بلسان الحال، وكأنه الجملة جواب عما يوشك أن يخطر ببعض الأذهان السقيمة من أنه هل اختصاص ما في السموات والأرض به عزّ وجلّ لحاجته سبحانه إليه، وهو جواب بنفي الحاجة على أبلغ وجه فقد كان يكفي في الجواب إن الله غني الا أنه جيء بالجملة متضمنة للحصر للمبالغة وجيء بالحميد أيضا تأكيدا لما تفيده من نفي الحاجة بالإشارة إلى أنه تعالى منعم على من سواه سبحانه أو متصف بسائر صفات الكمال فتأمل جدا، وقال الطيبي: إن قوله تعالى: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تهاون بهم وإبداء أنه تعالى مستغن عنهم وعن حمدهم وعبادتهم ولذلك علل بقوله سبحانه:
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ أي عن حمد الحامدين الْحَمِيدُ أي المستحق للحمد وإن لم يحمدوه عزّ وجلّ.
وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ أي لو ثبت كون ما في الأرض من شجرة أقلاما- فإن- وما بعدها فاعل ثبت مقدر بقرينة كون أَنَّ دالة على الثبوت والتحقق وإلى هذا ذهب المبرد، وقال سيبويه: إن ذلك مبتدأ مستغن عن الخبر لذكر المسند والمسند إليه بعده، وقيل: مبتدأ خبره، مقدر قبله، وقال ابن عصفور: بعده وما فِي الْأَرْضِ اسم أن ومِنْ شَجَرَةٍ بيان- لما- أو للضمير العائد إليها في الظرف فهو في موضع الحال منها أو منه