قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً زيادة لَكَ لزيادة المكافحة على رفض الوصية وقلة التثبت والصبر لما تكرر منه الاشمئزاز والاستنكار ولم يرعو بالتذكير حتى زاد في النكير في المرة الثانية.
قالَ أي موسى عليه السّلام إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ تفعله من الأعاجيب بَعْدَها أي بعد هذه المرة أو بعد هذه المسألة فَلا تُصاحِبْنِي وقرأ عيسى ويعقوب «فلا تصحبني» بفتح التاء من صحبه أي فلا تكن صاحبي، وعن عيسى أيضا «فلا تصحبني» بضم التاء وكسر الحاء من أصحبه ورواها سهل عن أبي عمرو أي فلا تصحبني إياك ولا تجعلني صاحبك، وقدر بعضهم المفعول الثاني علمك وليس بذاك.
وقرأ الأعرج «فلا تصحبنّي» بفتح التاء والباء وشد النون، والمراد المبالغة في النهي أي فلا تكن صاحبي البتة، وهذا يؤيد كون المراد من النهي فيما لا تأكيد فيه التحريم، والمراد به الحزم بالترك والمفارقة لا الترخيص على معنى إن سألتك بعد فأنت مرخص في ترك صحبتي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً أي وجدت عذرا من قبلي، وقال النووي:
معناه قد بلغت إلى الغاية التي تعذر بسببها في فراقي حيث خالفتك مرة بعد مرة.
وصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر على صاحبه لرأى العجب لكن أخذته من صاحبه ذمامة فقال ذلك
، وقرأ نافع وعاصم «من لدني» بتخفيف النون وهي حجة على س في منعه ذلك، والأكثرون على أنه حذف نون الوقاية وأبقى النون الأصلية المكسورة على ما هو القياس في الأسماء المضافة من أنها لا تلحقها نون الوقاية كوطني ومقامي، وقيل: إنه يحتمل أن يكون المذكور نون الوقاية والمضاف إنما هو- لد- بلا نون لغة في