للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصل إليهم فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم- على ما قال ابن هشام في سيرته- ست ليال، وقيل:

إحدى وعشرين ليلة فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين فطلبوا الصلح فأبى عليه الصلاة والسلام عليهم إلا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من المتاع فجلوا إلى الشام إلى أريحا وأذرعات إلا أهل بيتين منهم آل سلام ابن أبي الحقيق وآل كنانة بن الربيع ابن أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب فلحقوا بخيبر ولحقت طائفة بالحيرة وقبض النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم أموالهم وسلاحهم فوجد خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة وأربعين سيفا وكان ابن أبيّ قد قال لهم: معي ألفان من قومي وغيرهم أمدكم بها وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان فلما نازلهم صلّى الله تعالى عليه وسلم اعتزلتهم قريظة وخذلهم ابن أبيّ وحلفاؤهم من غطفان فأنزل الله تعالى قوله عز وجل:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إلى قوله تعالى: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الحشر: ٦] وتقدم الكلام على نظير هذه الجملة في صدر سورة الحديد، وكرر الموصول هاهنا لزيادة التقرير والتنبيه على استقلال كل من الفريقين بالتسبيح، وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ بيان لبعض آثار عزته تعالى وأحكام حكمته عز وجل إثر وصفه تعالى بالعزة القاهرة والحكمة الباهرة على الإطلاق، والمراد- بالذين كفروا- بنو النضير- بوزن الأمير- وهم قبيلة عظيمة من يهود خيبر كبني قريظة، ويقال للحيين: الكاهنان لأنهما من ولد الكاهن بن هارون كما في البحر، ويقال: إنهم نزلوا قريبا من المدينة في فئة من بني إسرائيل انتظارا لخروج الرسول صلّى الله عليه وسلم فكان من أمرهم ما قصه الله تعالى.

وقيل: إن موسى عليه السلام كان قد أرسلهم إلى قتل العماليق، وقال لهم: لا تستحيوا منهم أحدا فذهبوا ولم يفعلوا وعصوا موسى عليه السلام فلما رجعوا إلى الشام وجدوه قد مات عليه السلام فقال لهم بنو إسرائيل: أنتم عصاة الله تعالى والله لا دخلتم علينا بلادنا فانصرفوا إلى الحجاز إلى أن كان ما كان، وروي عن الحسن أنهم بنو قريظة وهو وهم كما لا يخفى، والجار الأول متعلق بمحذوف أي كائنين من أهل الكتاب، والثاني متعلق- باخرج- وصحت إضافة الديار إليهم لأنهم كانوا نزلوا برية لا عمران فيها فبنوا فيها وسكنوا، وضمير هُوَ راجع إليه تعالى بعنوان العزة

<<  <  ج: ص:  >  >>