مكية كما روي عن ابن عباس، وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم بل قال ابن عطية، وغيره: لا خلاف في مكيتها ولم يستثنوا منها شيئا، وقال الحسن: هي مكية إلا قوله تعالى: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ [الروم: ١٧] الآية وهو خلاف مذهب الجمهور والتفسير المرضي كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه، وآيها ستون وعند بعض تسع وخمسون، ووجه اتصالها بالسورة السابقة على ما قاله الجلال السيوطي أنها ختمت بقوله تعالى: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [العنكبوت: ٦٩] وافتتحت هذه بوعد من غلب من أهل الكتاب بالغلبة والنصر وفرح المؤمنين بذلك وأن الدولة لأهل الجهاد فيه ولا يضرهم ما وقع لهم قبل ذلك من هزيمة، هذا مع تواخيها لما قبلها في الافتتاح- بالم- ولا يخفى أن قتال أهل الكتاب ليس من المجاهدة في الله عزّ وجلّ وبذلك تضعف المناسبة، ومن وقف على أخبار سبب النزول ظهر له أن ما افتتحت به هذه السورة متضمنا نصرة المؤمنين بدفع شماتة أعدائهم المشركين وهم لم يزالوا مجاهدين في الله تعالى ولأجله ولوجهه عزّ وجلّ ولا يضر عدم جهادهم بالسيف عند النزول، وهذا في المناسبة أوجه فيما أرى من الوجه الذي ذكره الجلال فتأمل.