بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم الكلام فيه كالذي مرّ في أمثاله من الفواتح الكريمة غُلِبَتِ الرُّومُ هي قبيلة عظيمة من ولد رومي بن يونان بن علجان بن يافث نوح عليه السلام وقيل: من ولد يافان بن يافث، وقيل: من ولد رعويل بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وقال الجوهري: من ولد روم بن عيص المذكور صارت لها وقعة مع فارس على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فغلبتها وقهرتها فارس فِي أَدْنَى الْأَرْضِ أي أقربها.
والمراد بالأرض أرض الروم على أن (أل) نائبة مناب الضمير المضاف إليه والأقربية بالنظر إلى أهل مكة لأن الكلام معهم أو المراد بها أرض مكة ونواحيها لأنها الأرض المعهودة عندهم والأقربية بالنظر إلى الروم أو المراد بالأرض أرض الروم لذكرهم والأقربية بالنظر إلى عدوهم أعني فارس لحديث المغلوبية، وقد جاء من طرق عديدة أن الحرب وقع بين أذرعات وبصرى، وقال ابن عباس، والسدي: بالأردن وفلسطين، وقال مجاهد: بالجزيرة يعني الجزيرة العمرية لا جزيرة العرب، وجعل كل قول موافقا لوجه من الأوجه الثلاثة على الترتيب، وصحح ابن حجر القول الأول.
وقرأ الكلبي «في أداني الأرض» وَهُمْ أي الروم مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ أي غلب فارس إياهم على أنه مصدر مضاف إلى مفعوله أو إلى نائب فاعله إن كان مصدر المجهول ورجحه بعضهم بموافقته للنظم الجليل.
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه، وابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ومعاوية بن قرة «غلبهم» بسكون اللام، وعن أبي عمرو أنه قرأ «غلابهم» على وزن كتاب والكل مصادر غلب، والجار والمجرور متعلق بقوله تعالى: سَيَغْلِبُونَ وفي ذلك تأكيد لما يفهم من السين ولكون مغلوبهم من كان غالبهم، وفي بناء الجملة على الضمير تقوية للحكم أي سيغلبون فارس البتة، وقوله تعالى: فِي بِضْعِ سِنِينَ متعلق بسيغلبون أيضا.
والبضع ما بين الثلاث إلى العشرة عن الأصمعي، وفي المجمل ما بين الواحد: إلى التسعة، وقيل: «هو ما فوق