للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحقيقة لأن الإتيان بالمأمور إنما يعدّ طاعة إذا كان بقصد الامتثال فاذا نفي العصيان عنهم دل على قبولهم وعدم إبائهم باطنا، والثانية لأداء المأمور به من غير تثاقل وتوان على ما يشعر به الاستمرار المستفاد من يَفْعَلُونَ فلا تكرار، وفي الحصول لا يَعْصُونَ فيما مضى على أن المضارع لحكاية الحال الماضية وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ في الآتي.

وجوز أن يكون ذلك من باب الطرد والعكس وهو كل كلامين يقرر الأول بمنطوقه مفهوم الثاني وبالعكس مبالغة في أنهم لا تأخذهم رأفة في تنفيذ أوامر الله عز وجل والغضب له سبحانه.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ مقول لقول قد حذف ثقة بدلالة الحال عليه يقال لهم ذلك عند إدخال الملائكة إياهم النار حسبما أمروا به، فتعريف اليوم للعهد ونهيهم عن الاعتذار لأنهم لا عذر لهم أو لأن العذر لا ينفعهم إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في الدنيا من الكفر والمعاصي بعد ما نهيتم عنهما أشد النهي وأمرتم بالإيمان والطاعة على أتم وجه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ من الذنوب.

تَوْبَةً نَصُوحاً أي بالغة في النصح فهو من أمثلة المبالغة كضروب وصفت التوبة به على الإسناد المجازي وهو وصف التائبين، وهو أن ينصحوا بالتوبة أنفسهم فيأتوا بها على طريقها، ولعله ما نضمنه ما

أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس قال: «قال معاذ بن جبل: يا رسول الله ما التوبة النصوح؟ قال: أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى الله تعالى ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع»

وروي تفسيرها بما ذكر عن عمر وابن مسعود وأبي والحسن ومجاهد وغيرهم، وقيل: نصوحا من نصاحة الثوب أي خياطته أي توبة ترفو خروقك في دينك وترم خللك، وقيل: خالصته من قولهم: عسل ناصح إذا خلص من الشمع، وجوز أن يراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها، واستعمال الجد والعزيمة في العمل بمقتضياتها، وفي المراد بها أقوال كثيرة أوصلها بعضهم إلى نيف وعشرين قولا: منها ما سمعت.

وقرأ زيد بن علي- توبا- بغير تاء، وقرأ الحسن والأعرج وعيسى وأبو بكر عن عاصم وخارجة عن نافع «نصوحا»

<<  <  ج: ص:  >  >>