للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متضمن لنقيض مدعاهم وقرىء بتنوين ذكر الأول والثاني وجعل ما بعده منصوب المحل على المفعولية له لأنه مصدر وأعماله هو الأصل نحو أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً [البلد: ١٤] .

وقرأ يحيى بن يعمر وطلحة بالتنوين وكسر ميم «من» فهي على هذا حرف جر ومع مجروره بها وهي اسم يدل على الصحبة والاجتماع جعلت هنا ظرفا كقبل وبعد فجاز إدخال من عليها كما جاز إدخالها عليهما لكن دخولها عليها نادر، ونص أبو حيان أنها حينئذ بمعنى عند. وقيل: من داخلة على موصوفها أي عظة من كتاب معي وعظة من كتاب من قبلي، وأبو حاتم ضعف هذه القراءة لما فيها من دخول من على مع ولم ير له وجها وعن طلحة أنه قرأ «هذا ذكر معي وذكر قبلي» بتنوين «ذكر» وإسقاط «من» وقرأت فرقة «هذا ذكر من» بالإضافة «وذكر من قبلي» بالتنوين وكسر الميم، وقوله تعالى: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ إضراب من جهته تعالى غير داخل في الكلام الملقن وانتقال من الأمر بتبكيتهم بمطالعة البرهان إلى بيان أن الاحتجاج عليهم لا ينفع لفقدهم التمييز بين الحق والباطل فَهُمْ لأجل ذلك مُعْرِضُونَ مستمرون على الإعراض عن التوحيد واتباع الرسول لا يرعوون عما هم عليه من الغي والضلال وإن كررت عليهم البينات والحج أو فهم معرضون عما ألقي عليهم من البراهين العقلية والنقلية.

وقرأ الحسن وحميد وابن محيض «الحقّ» بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الحق، والجملة معترضة بين السبب والمسبب تأكيدا للربط بينهما، وجوز الزمخشري أن يكون المنصوب أيضا على معنى التأكيد كما تقول هذا عبد الله الحق لا الباطل، والظاهر أنه منصوب على أنه مفعول به ليعلمون والعلم بمعنى المعرفة.

وقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ استئناف مقرر لما سبق من آي التوحيد وقد يقال إن فيه تعميما بعد تخصيص إذا أريد من ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي الكتب الثلاثة، ولما كان مِنْ رَسُولٍ عاما معنى فكان هناك لفظ ومعنى أفرد على اللفظ في نوحي إليه ثم جمع على المعنى في فَاعْبُدُونِ ولم يأت التركيب فاعبدني وهذا بناء على أن فَاعْبُدُونِ داخل في الموحي وجوز عدم الدخول على الأمر له صلّى الله عليه وسلّم

<<  <  ج: ص:  >  >>