هذا إلا اختلاق الأولين وكذبهم، ويؤيد هذا المعنى ما روى علقمة عن عبد الله أنه قرأ «إلا اختلاق الأولين» ويكون هذا كقول سائر الكفرة أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الأنعام: ٢٥ وغيرها] أو ما خلقنا هذا إلا خلق الأولين نحيي كما حيوا ونموت كما ماتوا، ومرادهم إنكار البعث والحساب المفهوم من تهديدهم بالعذاب، ولعل قولهم: وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ أي على ما نحن عليه من الأعمال أصرح في ذلك فَكَذَّبُوهُ أي أصروا على تكذيبه عليه السلام فَأَهْلَكْناهُمْ بسببه بريح صرصر.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ هو اسم عجمي عند بعض والأكثرون على أنه عربي وترك صرفه لأنه اسم قبيلة، وهو فعول من الثمد وهو الماء القليل الذي لا مادة له ومنه قيل فلان مثمود ثمدته النساء أي قطعن مادة مائة لكثرة غشيانه لهن ومثمود إذا كثر عليه السؤال حتى نفد مادة ماله أو ما يبقى في الجلد أو ما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف. وفي القاموس ثمود قبيلة ويصرف وتضم الثاء وقرىء به أيضا. وفي سبائك الذهب أنه في الأصل اسم لأبي القبيلة ثم نقل وجعل اسما لها، ووجه تأنيث الفعل هنا نظير ما تقدم في قوله تعالى:«كذبت عاد» وكذا الكلام في قوله سبحانه: