للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول النحاس ما علمت أحدا من أهل العربية بصريا ولا كوفيا إلا وهو يخطىء قراءة حمزة، فمنهم من يقول: هي لحن لأنه لم يأت إلا بمفعول واحد ليحسبن، ومنهم من قال هذا أبو حاتم انتهى من قلة الوقوف ومزيد الهذيان والجسارة على الطعن في متواتر من القرآن، ولعمري لو كانت القراءة بالرأي لكان اللائق بمن خفي عليه وجه قراءة حمزة أن لا يتكلم بمثل ذلك الكلام ويتهم نفسه ويحجم عن الطعن في ذلك الإمام، وقوله تعالى: وَمَأْواهُمُ النَّارُ عطف على جملة النهي بتأويلها بجملة خبرية لأن المقصود بالنهي عن الحسبان تحقيق نفي الحسبان كأنه قيل الذين كفروا معجزين ومأواهم النار.

وجوز أن يكون عطفا على مقدر لأن الأول وعيد الدنيا كأنه قيل مقهورون في الدنيا بالاستئصال ومخزون في الآخرة بعذاب النار، وعن صاحب النظم تقديره بل هم مقدور عليهم ومحاسبون ومأواهم النار.

قال في الكشف: وجعله حالا على معنى لا ينبغي الحسبان لمن مأواه النار كأنه قيل أنى للكافر هذا الحسبان وقد أعد له النار، والعدول إلى وَمَأْواهُمُ النَّارُ للمبالغة في التحقق وأن ذلك معلوم لهم لا ريب وجه حسن خال عن كلف لكلفة ألم به بعض الأئمة انتهى، ولا يخفى أن في ظاهره ميلا إلى بعض تخريجات قراءة «يحسبن» بياء الغيبة.

وتعقب في البحر تأويل جملة النهي لتصحيح العطف عليها بقوله: الصحيح أنه يجوز عطف الجمل على اختلافها بعضا على بعض وإن لم تتحد في النوعية وهو مذهب سيبويه، والمأوى اسم مكان، وجوز فيه المصدرية والأول أظهر، وقوله تعالى: وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ جواب لقسم مقدر والمخصوص بالذم محذوف أي وبالله لَبِئْسَ الْمَصِيرُ هي أي النار، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله، وفي إيراد النار بعنوان كونها مأوى ومصيرا لهم أثر نفي فوتهم بالهرب في الأرض كل مهرب من الجزالة ما لا غاية وراءه فلله تعالى در شأن التنزيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>