للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريب مما تقدم إلا أنه ليس فيه ما فيه من البشاعة، ثم إن الإنصاف بعد كل كلام يقتضي الإقرار بقوة دعوى أن المخالفة لضعف صناعة الكتابة إذ ذاك إن صح أنها وقعت أيضا في غير الإمام من المكاتبات وغيرها ولعله لم يصح وإلا لنقل فتأمل والله تعالى يتولى هداك.

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ الظاهر أن الضمير للهدهد وبَعِيدٍ صفة زمان والكلام بيان لمقدر كأنه قيل: ما مضى من غيبته بعد التهديد؟ فقيل: مكث غير بعيد أي مكث زمانا غير مديد، ووصف زمان مكثه بذلك للدلالة على إسراعه خوفا من سليمان عليه السلام وليعلم كيف كان الطير مسخرا له، وقيل: الضمير لسليمان وهو كما ترى، وقيل:

بَعِيدٍ صفة مكان أي فمكث الهدهد في مكان غير بعيد من سليمان، وجعله صفة الزمان أولى، ويحكى أنه حين نزل سليمان عليه السلام حلق الهدهد فرأى هدهدا واسمه فيما قيل عفير واقعا فانحط إليه فوصف له ملك سليمان وما سخر له من كل شيء وذكر له صاحبه ملك بلقيس، وذهب معه لينظر فما رجع إلا بعد العصر،

وفي بعض الآثار أنه عليه السلام لما لم يره دعا عريف الطير وهو النسر فسأله فلم يجد عنده علمه ثم قال لسيد الطير وهو العقاب: علي به فارتفعت فنظرت فإذا هو مقبل فقصدته فناشدها الله تعالى وقال: بحق الله الذي قواك وأقدرك عليّ ألا رحمتني فتركته وقالت: ثكلتك أمك إن نبي الله تعالى قد حلف ليعذبنك أو ليذبحنك قال: وما استثنى؟ قالت: بلى قال: أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ فقال: نجوت إذا فلما قرب من سليمان أرخى ذنبه وجناحيه يجرها على الأرض تواضعا له فلما دنا منه أخذ برأسه فمده إليه فقال: يا نبي الله تعالى اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل فارتعد سليمان وعفا عنه،

وعن عكرمة أنه إنما عفا عنه لأنه كان بارا بأبويه يأتيهما بالطعام فيزقهما لكبرهما، ثم سأله:

<<  <  ج: ص:  >  >>