ابن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء والعلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان فقال له: قد جمع الله تعالى الطب كله في نصف آية من كتابه قال: وما هي؟ قال: كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا فقال النصراني: ولا يؤثر من رسولكم شيء في الطب فقال: قد جمع رسولنا صلّى الله عليه وسلّم الطب في ألفاظ يسيرة قال: وما هي؟
قوله صلّى الله عليه وسلّم:«المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وأعط كل بدن ما عودته»
فقال: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طلبا انتهى. وما نسبه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم هو من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب ولا يصح رفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم،
وفي الإحياء مرفوعا «البطنة أصل الداء والحمية أصل الدواء وعود وأكل جسد ما اعتاد» .
وتعقبه العراقي قائلا: لم أجد له أصلا.
وفي شعب الإيمان للبيهقي ولقط المنافع لابن الجوزي عن أبي هريرة مرفوعا أيضا «المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة فإذا صحت المعدة صارت العروق بالصحة وإذا فسدت المعدة صارت العروق بالقسم» .
وتعقبه الدارقطني قائلا: لا نعرف هذا من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم وإنما هو من كلام عبد الملك بن سعيد بن أبجر.
وفي الدر المنثور أخرج محمد الخلال عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دخل عليها وهي تشتكي فقال لها:«يا عائشة الأزم دواء والمعدة بيت الأدواء وعودوا البدن ما اعتاد»
ولم أر من تعقبه، نعم رأيت في النهاية لابن الأثير سأل عمرو الحارث بن كلدة ما الدواء؟ قال: الأزم يعني الحمية وإمساك الأسنان بعضها على بعض، نعم الأحاديث الصحيحة متظافرة في ذم الشبع وكثرة الأكل، وفي ذلك إرشاد للأمة إلى كل الحكمة.
إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ بل يبغضهم ولا يرضى أفعالهم. والجملة في موضع التعليل للنهي، وقد جمعت هذه الآية- كما قيل- أصول الأحكام الأمر والإباحة والنهي والخبر.