هذا هو الاسم المشهور وفي الصحيح عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة وهو معارض لما روي من منع ذلك وتعين أن يقال السورة التي يذكر فيها البقرة وكذا في سور القرآن كله ومن ثمة أجاز الجمهور ذلك من غير كراهة ويمكن أن يوفق بأنه كان مكروها في بدأ الإسلام لاستهزاء الكفار ثم بعد سطوع نوره نسخ النهي عنه فشاع من غير نكير وورد في الحديث بيانا لجوازه وقد تقدم بعض الكلام على هذا، وكان خالد ابن معدان يسميها فسطاط القرآن وورد في حديث مرفوع في مسند الفردوس وذلك لعظمها ولما جمع فيها من الأحكام التي لم تذكر في غيرها حتى قال بعض الأشياخ: إن فيها ألف أمر وألف نهي وألف خبر قيل وفيها خمسة عشر مثلا ولهذا أقام ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ثماني سنين على تعلمها وورد في حديث المستدرك تسميتها سنام القرآن وسنام كل شيء أعلاه وكأنه لذلك أيضا،
وروي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال:«أي القرآن أفضل فقالوا الله ورسوله أعلم قال سورة البقرة ثم قال وأيها أفضل؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال آية الكرسي،
وهي مدنية وآياتها مائتان وسبع وثمانون على المشهور وقيل ست وثمانون وفيها آخر آية نزلت وهي قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة: ٢٨١] وقد نزلت في حجة الوداع يوم النحر ولا تخرج بذلك عن كونها مدنية كما لا يخفى، ووجه مناسبتها لسورة الفاتحة أن الفاتحة مشتملة على بيان الربوبية أولا والعبودية ثانيا وطلب الهداية في المقاصد الدينية والمطالب اليقينية ثالثا، وكذا سورة البقرة مشتملة على بيان معرفة الرب أولا كما في يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: ٣] وأمثاله وعلى العبادات وما يتعلق بها ثانيا وعلى طلب ما يحتاج إليه في العاجل والآجل آخرا وأيضا في آخر الفاتحة طلب الهداية وفي أول البقرة إيماء إلى ذلك بقوله هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: ٢] ولما افتتح سبحانه الفاتحة بالأمر الظاهر وكان وراء كل ظاهر باطن افتتح هذه السورة بما بطن سره وخفي إلا على من شاء الله تعالى أمره فقال سبحانه وتعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم هي وسائر الألفاظ التي يتهجى بها «كبا تا ثا» أسماء مسمياتها الحروف المبسوطة التي ركبت منها الكلمة لصدق حد الاسم المتفق عليه واعتوار خواصه المجمع عليها