فقد أخرج مسلم وأبو: داود والنسائي وابن ماجة وابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال: «قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا قرأ
- يعني الإمام-
غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين يحبكم الله»
وإخفاؤها مذهب ساداتنا الحنفية وهو مذهب أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه، وعبد الله بن مسعود، وعند الشافعية يجهر بها. وعن الحسن لا يقولها الإمام لأنه الداعي. وعن أبي حنيفة في رواية غير مشهورة مثله والمشهور أن يخفيها، وروى الإخفاء عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عبد الله بن مغفل وأنس رضي الله تعالى عنهما كما في الكشاف ورواية الجمهور محمولة على التعليم، والبحث فقهي وهذا القدر يكفي فيه وليست من القرآن إجماعا ولذا سن الفصل بينها وبين السورة بسكتة لطيفة وما قيل: إنها من السورة عند مجاهد فمما لا ينبغي أن يلتفت إليه إذ هو في غاية البطلان إذ لم يكتب في الإمام ولا في غيره من المصاحف أصلا حتى ذكر غير واحد أن من قال: إن آمين من القرآن كفر، وهي اسم فعل مبني على الفتح كأين لالتقاء الساكنين والبحث عن أسماء الأفعال مفروغ عنه في كتب النحو والصحيح أنها كلمة عربية ومعناها استجب وقيل موضوعة لما هو أعم منه ومن مرادفه ومن الغريب ما قيل: إنه عجمي معرب همين لما أن فاعيل كقابيل ليس من أوزان العرب ورد بأنه يكون وزنا لا نظير له وله نظائر ولذا قيل: إنه في الأصل مقصور ووزنه فعيل فأشبع، ومن العجيب ما قيل إنه اسم الله تعالى والقول في توجيهه أنه لما كان مشتملا على الضمير المستتر الراجع إليه تعالى قيل إنه من أسمائه أعجب منه وقد تمد ألفه وتقصر وإلى أصالة كلّ ذهب طائفة، وأما تشديد ميمه فذكر الواحدي أنه لغة فيه، وقيل إنه جمع آم بمعنى قاصد منصوب باجعلنا ونحوه مقدرا، وقيل إنه خطأ ولحن وحيث إنه ليس من القرآن بل دعاء ومعناه صحيح قال بعضهم لا تفسد به الصلاة وإن كان لحنا، وفضل هذه السورة مما لا يخفى ويكفي في فضلها ما
روي بأسانيد صحيحة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج على أبي بن كعب فقال: يا أبي وهو يصلي فالتفت أبيّ فلم يجبه فصلى أبيّ فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟ فقال: يا رسول الله إني كنت في الصلاة، قال: أفلم تجد فيما أوحى الله إليّ أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم؟ قال بلى ولا أعود إن شاء الله تعالى، قال: تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها؟ قال نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: كيف تقرأ في الصلاة فقرأ بأم القرآن فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما نزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وإنها للسبع من المثاني- أو قال السبع المثاني- والقرآن العظيم الذي أعطيته»
والأحاديث في ذلك كثيرة ولا بدع فهي أم الكتاب والحاوية من دقائق الأسرار العجب العجاب حتى أن بعض الربانيين استخرج منها الحوادث الكونية وأسماء الملوك الإسلامية وشرح أحوالهم وبيان مآلهم، وبالجملة هي كنز العرفان بل اللوح المحفوظ لما يلوح في عالم الإمكان «نسأل الله تعالى» أن يمن علينا بإشراق أنوارها والاطلاع على مخزونات أسرارها إنه ولي التوفيق والهادي إلى معالم التحقيق.