إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً أي على أمتك لقوله تعالى: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: ١٤٣] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة شاهدا على أمتك وشاهدا على الأنبياء عليهم السلام أنهم قد بلغوا وَمُبَشِّراً بالثواب على الطاعة وَنَذِيراً بالعذاب على المعصية لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأمته كقوله سبحانه: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [الطلاق: ١] وهو من باب التغليب غلب فيه المخاطب على الغيب فيفيد أن النبي عليه الصلاة والسلام مخاطب بالإيمان برسالته كالأمة وهو كذلك، وقال الواحدي: الخطاب في أَرْسَلْناكَ للنبي صلّى الله عليه وسلّم وفي لِتُؤْمِنُوا لأمته فعلى هذا إن كان اللام للتعليل يكون المعلل محذوفا أي لتؤمنوا بالله وكيت وكيت فعل ذلك الإرسال أو للأمر على طريقة فبذلك فلتفرحوا [يونس: ٥٨] على قراءة التاء الفوقانية فقيل هو على معنى قل لهم: لتؤمنوا إلخ، وقيل: هو للأمة على أن خطابه صلّى الله عليه وسلّم منزل منزلة خطابهم فهو عينه ادعاء، واللام متعلقة بأرسلنا، ولا يعترض عليه بما قرره الرضي وغيره من أنه يمتنع أن يخاطب في كلام واحد اثنان من غير عطف أو تثنية أو جمع لأنه بعد التنزيل لا تعدد، وجوز أن يكون ذلك لأنهم حينئذ غير مخاطبين في الحقيقة فخطابهم في حكم الغيبة، وقيل:
الامتناع المذكور مشروط بأن يكون كل من المخاطبين مستقلا أما إذا كان أحدهما داخلا في خطاب الآخر برسالته فلا امتناع كما يعلم من تتبع كلامهم، وحينئذ يجوز أن يراد خطاب الأمة أيضا من غير تغليب، والكلام في ذلك طويل وما ذكر سابقا سالم عن القال والقيل
وَتُعَزِّرُوهُ أي تنصروه كما روي عن جابر بن عبد الله مرفوعا