مكية في قوله الجمهور بتمامها، وقيل مدنية بتمامها، وقيل مدنية إلّا أربع آيات من أولها. واعترض كلا القولين بأنه يأباهما قوله تعالى بِهذَا الْبَلَدِ [البلد: ١، ٢] قيل ولقوة الاعتراض ادعى الزمخشري الإجماع على مكيتها وسيأتي إن شاء الله تعالى أن في بعض الأخبار ما هو ظاهر في نزول صدرها بمكة بعد الفتح، وهي عشرون آية بلا خلاف. ولما ذم سبحانه فيما قبلها من أحب المال وأكل التراث أكلا لمّا ولم يحض على طعام المسكين ذكر جل وعلا فيها الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة وإطعام في يوم ذي مسغبة وكذا لما ذكر عز وجل النفس المطمئنة هناك ذكر سبحانه هاهنا بعض ما يحصل به الاطمئنان فقال عز قائلا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ أقسم سبحانه بالبلد الحرام أعني مكة فإنه المراد بالمشار إليه بالإجماع وما عطف عليه على الإنسان خلق مغمورا في مكابدة المشاق ومعاناة الشدائد. وقوله تعالى وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ على ما اختاره في الكشاف اعتراض بين القسم وجوابه وفيه تحقيق مضمونه بذكر بعض المكابدة على نهج براعة الاستهلاك وادماج لسوء صنيع المشركين ليصرح بذمهم على أن الحل بمعنى المستحل بزنة المفعول الذي لا يحترم، فكأنه قيل ومن المكابدة أن مثلك على عظم حرمته يستحل