للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصله من- الإصار- وهو ما يعقد به ويشد. وكأنه إنما سمي العهد بذلك لأنه يشد به. وقرئ بالضم. وهو إما لغة فيه- كعبر وعبر- في قولهم ناقة عبر أسفار. أو هو بالضم جمع- إصار- استعير للعهد. وجمع إما لتعدد المعاهدين وهو الظاهر، أو للمبالغة قالُوا استئناف مبني على السؤال كأنه قيل: فماذا قالوا: عند ذلك؟ فقيل: قالوا: أَقْرَرْنا، وكان الظاهر في الجواب أقررنا على ذلك إصرك لكنه لم يذكر الثاني اكتفاء بالأول قالَ أي الله تعالى لهم فَاشْهَدُوا أي فليشهد بعضكم على بعض بذلك الإقرار، فاعتبر المقر بعضا، والشاهد بعضا آخر لئلا يتحد المشهود عليه والشاهد، وقيل:

الخطاب فيه للأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقط أمروا بالشهادة على أممهم. ونسب ذلك إلى عليّ كرم الله تعالى وجهه،

وقيل: للملائكة فيكون ذلك كناية عن غير مذكور. ونسب إلى سعيد بن المسيب وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ أي على إقراركم وتشاهدكم- على ما يقتضيه المعنى- لأنه لا بد في الشهادة من مشهود عليه. وهنا ما ذكرناه (١) للمقام. وعن ابن عباس إن المراد اعلموا وأنا معكم أعلم. وعلى كل تقدير فيه توكيد وتحذير عظيم، والجار والمجرور خبر- أنا- ومَعَكُمْ حال، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب. وجوز أن تكون في محل نصب على الحال من ضمير فَاشْهَدُوا فَمَنْ تَوَلَّى أي

أعرض عن الإيمان بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم ونصرته- قاله علي كرم الله وجهه-

بَعْدَ ذلِكَ أي الميثاق والإقرار والتوكيد بالشهادة فَأُولئِكَ إشارة إلى من مراعى معناه كما روعي من قبل لفظها هُمُ الْفاسِقُونَ أي الخارجون في الكفر إلى أفحش مراتبه، والمشهور عدم دخول الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في حكم هذه الشرطية، أو ما هي في حكمها لأنهم أجلّ قدرا من أن يتصور في حقهم ثبوت المقدم ليتصفوا، وحاشاهم بما تضمنه التالي بل هذا الحكم بالنسبة إلى أتباعهم.

وجوز أن يراد العموم. والآية من قبيل لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: ٦٥] .


(١) كذا بخطه رحمه الله، ولعله- وهو ما ذكرناه- كما يستفاد من عبارة الشهاب كتبه مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>