يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ من الحقائق التي تحصل لكم بعقولكم وقلوبكم وأرواحكم وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ وهي الحواس الظاهرة والباطنة وسائر القوى والآلات البدنية مُكَلِّبِينَ معلمين لها على اكتساب الفضائل تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ من علوم الأخلاق والشرائع فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ مما يؤدي إلى الكمال وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ بأن تقصدوا أنه أحد أسباب الوصول إليه عز شأنه لا أنه لذة نفسانية وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وهو مقام الفرق والجمع وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ فلا عليكم أن تطعموهم منه بأن تضموا لأهل الفرق جمعا، ولأهل الجمع فرقا وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وهي النفوس المهذبة الكاملة وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي حقوقهن من الكمال اللائق بهن وألحقتموهن بالمحصنات من المؤمنات مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ
بل قاصدين تكميلهن واستيلاء الآثار النافعة منهن لا مجرد الصحبة وإفاضة ماء المعارف من غير ثمرة وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ بأن ينكر الشرائع والحقائق ويمتنع من قبولها فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ بإنكاره الشرائع وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ بإنكاره الحقائق، والظاهر عدم التوزيع، والله تعالى أعلم بمراده، وهو الموفق للصواب.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شروع في بيان الشرائع المتعلقة بدينهم بعد بيان ما يتعلق بدنياهم، ووجه التقديم والتأخير ظاهر إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ أي إذا أردتم القيامة إليها والاشتغال بها، فعبر عن إرادة الفعل بالفعل المسبب عنها مجازا، وفائدة الإيجاز والتنبيه على أن من أراد العبادة ينبغي أن يبادر إليها بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة، وقيل: يجوز أن يكون المراد إذا قصدتم الصلاة، فعبر عن أحد لازمي الشيء بلازمه الآخر وظاهر الآية يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة وإن لم يكن محدثا نظرا إلى عموم الَّذِينَ آمَنُوا من غير اختصاص بالمحدثين، وإن لم