وادعى ابن سراقة أن النجوى مختصة بما كان بين أكثر من اثنين وأن ما يكون بين اثنين يسمى سرارا، وقال ابن عيسى: كل سرار نجوى، وفي الآية لطائف وأسرار لا يعقلها إلا العالمون فليتأمل.
وقرأ ابن أبي عبلة «ثلاثة» و «خمسة» بالنصب على الحال بإضمار يتناجون يدل عليه نجوى، أو على تأويل نجوى بمتناجين ونصبهما من المستكن فيه، وفي مصحف عبد الله- إلا الله رابعهم ولا أربعة إلا الله خامسهم ولا خمسة إلا الله سادسهم ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا الله معهم إذا انتجوا- وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق والأعمش وأبو حيوة وسلام ويعقوب «ولا أكثر» بالرفع قال الزمخشري: على أنه معطوف على محل- لا أدنى- كقولك: لا حول ولا قوة إلا بالله بفتح الحول ورفع القوة، ويجوز أن يعتبر «أدنى» مرفوعا على هذه القراءة ورفعهما على الابتداء، والجملة التي بعد إِلَّا هي الخبر، أو على العطف على محل مِنْ نَجْوى كأنه قيل: ما يكون أدنى ولا أكثر إلا هو معهم، وأَكْثَرَ على قراءة الجمهور يحتمل أن يكون مجرورا بالفتح معطوفا على لفظ نَجْوى كأنه قيل:
ما يكون من أدنى ولا أكثر إلا هو معهم، وأن يكون مفتوحا لأن لا لنفي الجنس، وقرأ كل من الحسن ويعقوب أيضا ومجاهد والخليل بن أحمد- ولا أكبر- بالباء الموحدة والرفع وهو على ما سمعت ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ تفضيحا لهم وإظهارا لما يوجب عذابهم.
وقرىء «ينبئهم» بالتخفيف والهمز، وقرأ زيد بن علي بالتخفيف وترك الهمز وكسر الهاء.
إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لأن نسبة ذاته المقتضي للعلم إلى الكل على السواء، وقد بدأ الله تعالى في هذه الآيات بالعلم حيث قال سبحانه: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ إلخ، وختم جل وعلا بالعلم أيضا حيث قال الله تعالى:
أَنَّ اللَّهَ إلخ، ومن هنا قال معظم السلف فيما ذكر في البين من قوله عز وجل: رابِعُهُمْ وسادِسُهُمْ ومَعَهُمْ أن المراد به كونه تعالى كذلك بحسب العلم مع أنهم الذين لا يؤوّلون، وكأنهم لم يعدّوا ذلك تأويلا لغاية ظهوره واحتفافه بما يدل عليه دلالة لا خفاء فيها، ويعلم من هذا أن ما شاع من أن السلف لا يؤولون ليس على إطلاقه.