مكية كلها على المعتمد، وروي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا: إلا ثلاث آيات من أولها، واستثنى بعضهم رابعة، وروي قوله سبحانه: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف: ٧] وكل ذلك واه جدا لا يلتفت إليه، وما اعتمدناه كغيرنا هو الثابت عن الحبر، وقد أخرجه النحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عنه، وأخرجه الأخير عن ابن الزبير وهو الذي يقتضيه ما أخرجه الحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع من حديث طويل يحكي فيه قدوم رافع مكة وإسلامه وتعليم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إياه هذه السورة، واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: ١] وآيها مائة وإحدى عشرة آية بالإجماع على ما نقل عن الداني وغيره، وسبب نزولها على ما
روي عن سعد بن أبي وقاص أنه أنزل القرآن على رسول الله عليه الصلاة والسلام فتلاه على أصحابه زمانا فقالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا فنزلت،
وقيل: هو تسلية الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عما يفعله به قومه بما فعلت إخوة يوسف عليه السلام به،
وقيل: إن اليهود سألوه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يحدثهم بأمر يعقوب وولده وشأن يوسف وما انتهى إليه فنزلت،
وقيل: إن كفار مكة أمرتهم اليهود أن يسألوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن السبب الذي أحل بني إسرائيل بمصر فسألوه فنزلت
ويبعد القولين الأخيرين فيما زعموا ما
أخرجه البيهقي في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن حبرا من اليهود دخل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فوافقه وهو يقرأ سورة يوسف فقال: يا محمد من علمكها؟ قال: الله علمنيها فعجب الحبر لما سمع منه فرجع إلى اليهود فقال لهم: والله إن محمدا ليقرأ القرآن كما أنزل في التوراة فانطلق بنفر منهم حتى دخلوا عليه فعرفوه بالصفة ونظروا إلى خاتم النبوة بين كتفيه فجعلوا يستمعون إلى قراءة سورة يوسف فتعجبوا وأسلموا عند ذلك،
وفي القلب من صحة الخبر ما فيه، ووجه مناسبتها للتي قبلها اشتمالها على شرح ما قاساه بعض الأنبياء عليهم السلام من الأقارب، وفي الأولى ذكر ما لقوا من الأجانب، وأيضا قد وقع فيما قبل فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [هود: ٧١] وقوله سبحانه: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ [هود: ٧٣] ووقع هنا حال يعقوب مع أولاده وما صارت إليه عاقبة أمرهم مما هو أقوى شاهد على الرحمة، وقد جاء عن ابن عباس وجابر بن زيد أن يونس نزلت ثم هود ثم يوسف وعد هذا وجها آخر من وجوه المناسبة.