تخييلية تمثيلية كما في قولهم: قال الحائط للوتد لم تشقني فقال سل من يدقني، وعلى الثاني تكون مكنية وتخييلية كما في نحو لسان الحال ناطق بكذا والمشهور في أمثاله الحمل على اللازم فيكون مجازا مرسلا فيحمل العجب على الاستعظام وهو رؤية الشيء عظيما أي بالغا في الحسن أو القبح، والمراد هنا رؤية ما هم عليه بالغا الغاية في القبح، وليس استعظام الشيء مسبوقا بانفعال يحصل في الروع عن مشاهدة أمر غريب كما توهم ليقال: إن التأويل المذكور لا يحسم مادة الاشكال.
وقال أبو حيان: يؤول على أن صفة فعل يظهرها الله تعالى في صفة المتعجب منه من تعظيم أو تحقير حتى يصير الناس متعجبين منه فالمعنى بل عجبت من ضلالتهم وسوء نحلتهم وجعلتها للناظرين فيها وفيما اقترن بها من شرعي وهداي متعجبا، وقال مكي وعلي بن سليمان: ضمير عَجِبْتَ للنبي عليه الصلاة والسلام والكلام بتقدير القول أي قل بل عجبت، وعندي لو قدر القول بعد بل كان أحسن أي بل قل عجبت، والذي يقتضيه كلام السلف إن العجب فينا انفعال يحصل للنفس عند الجهل بالسبب ولذا قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب وهو في الله تعالى بمعنى يليق لذاته عز وجل هو سبحانه أعلم به فلا يعينون المراد والخلف يعينون.
وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ أي ودأبهم أنهم إذا وعظوا بشيء لا يتعظون به أو أنهم إذا ذكر لهم ما يدل على صحة الحشر لا ينتفعون به لبلادتهم وقلة فكرهم، واستفادة الاستمرار من مقام الذم، ولعل في إذا والعطف على الماضي ما يؤيده، وقرأ ابن حبيش «ذكروا» بتخفيف الكاف وَإِذا رَأَوْا آيَةً أي معجزة تدل على صدق من يعظهم ويدعوهم إلى ترك ما هم فيه إلى ما هو خير أو معجزة تدل على صدق القائل بالحشر يَسْتَسْخِرُونَ أي يبالغون في السخرية ويقولون إنه سحر أو يطلب بعضهم من بعض أن يسخر منها،
روي أن ركانة رجلا من المشركين من أهل مكة لقيه الرسول صلّى الله عليه وسلم في جبل خال يرعى غنما له وكان من أقوى الناس فقال له: يا ركانة أرأيت إن صرعتك أتؤمن بي؟
قال: نعم فصرعه ثلاثا ثم عرض له بعض الآيات دعا عليه الصلاة والسلام شجرة فأقبلت فلم يؤمن وجاء إلى مكة فقال:
يا بني هاشم ساحروا بصاحبكم أهل الأرض فنزلت
فيه وفي أضرابه. وقرىء «يستسحرون» بالحاء المهملة أي يعدونها سحرا.