سليمان عليه السلام دمشق ونصيبين فأصابها. واستشكلت هذه الرواية بأن
الغنائم لم تحل لغير نبينا صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث الصحيح
. وأجيب بأنه يحتمل أن تكون فيئا لا غنيمة، وعن مقاتل أنها ألف فرس ورثها من أبيه داود وكان عليه السلام قد أصابها من العمالقة وهم بنو عمليق بن عوص بن عاد بن أرم.
واستشكلت هذه زيادة على الأولى بأن
الأنبياء عليهم السلام لا يورثون كما جاء في الحديث الذي رواه أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
محتجا به في مسألة فدك والعوالي بمحضر الصحابة وهم الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم.
وأجيب بأن المراد بالإرث حيازة التصرف لا الملك، وعقرها تقربا على ما في الأوجه في الآية بعد وجاء في بعض الروايات لا يقتضي الملك، وقال عوف: بلغني أنها كانت خيلا ذات أجنحة أخرجت له من البحر لم تكن لأحد قبله ولا بعده، وروي كونها كذلك عن الحسن، وأخرج ابن جرير وغيره عن إبراهيم التيمي أنها كانت عشرين ألف فرس ذات أجنحة، وليس في هذا شيء سوى الاستبعاد، وإذا لم يلتفت إلى الأخبار في ذلك إذ ليس فيها خبر صحيح مرفوع أو ما في حكمه يعول عليه فيما أعلم فلنا أن نقول: هي خيل كانت له كالخيل التي تكون عند الملوك وصلت إليه بسبب من أسباب الملك فاستعرضها فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس، قيل
وغفل عن صلاة العصر، وحكى هذا الطبرسي عن علي كرم الله وجهه
وقتادة والسدي ثم قال: وفي روايات أصحابنا أنه فاته أول الوقت. وقال الجبائي: لم يفته الفرض وإنما فاته نفل كان يفعله آخر النهار.
فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي قاله عليه السلام اعترافا بما صدر عنه من الاشتغال وندما عليه وتمهيدا لما يعقبه من الأمر بردها وعقرها على ما هو المشهور، والخير كثر استعماله في المال ومنه قوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً [البقرة: ١٨٠] وقوله سبحانه: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة: ٢٧٣] وقوله عزّ وجلّ: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [العاديات: ٨] وقال بعض العلماء: لا يقال للمال خير حتى يكون كثيرا ومن مكان طيب كما
روي أن عليا كرم الله تعالى وجهه دخل على مولى له فقال: ألا أوصي يا أمير المؤمنين؟ قال، لا لأن الله تعالى يقول: إِنْ تَرَكَ خَيْراً وليس لك مال كثير
، وروي تفسيره بالمال هنا عن الضحاك وابن جبير، وقال أبو حيان: يراد بالخير الخيل والعرب تسمي الخيل الخير، وحكي ذلك عن قتادة والسدي، ولعل ذلك لتعلق الخير بها،