للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوى النفسانية قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ أي من الحواس والأعضاء الظاهرة أو من الصور الإنسانية بأن جعلتموهم أتباعكم بإغوائكم إياهم وتزيين اللذائذ الجسمانية لهم: وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وانتفع كل منا في صورة الجمعية الإنسانية بالآخر وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا بالموت أو المعاد على أقبح الهيئات وأسوأ الأحوال قالَ النَّارُ أي نار الحرمان ووجدان الآلام مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ ولا يشاء إلا ما يعلم ولا يعلم سبحانه الشيء إلا على ما هو عليه في نفسه إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ لا يعذبكم إلا بهيئات نفوسكم على ما تقتضيه الحكمة عليم بهاتيك الهيئات فيعذب على حسبها وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً أي نجعل بعضهم ولي بعض أو وليه وقرينه في العذاب بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من المعاصي حسب استعدادهم.

مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ

وهي عند كثير من أرباب الإشارة العقول وهي رسل خاصة ذاتية إلى ذويها مصححة لإرسال الرسل الأخر وهي رسل خارجية.

وبعض المعتزلة حمل الرسول في قوله تعالى: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا على العقل أيضا. وهذه الأسئلة عند بعض المؤولين والأجوبة والشهادات كلها بلسان الحال وإظهار الأوصاف ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى أي الأبدان أو القلوب بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ بل ينبههم بالعقل وإرشاده إقامة للحجة ولله تعالى الحجة البالغة وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مراتب في القرب والبعد وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ لذاته عن كل ما سواه ذُو الرَّحْمَةِ العامة الشاملة فخلق العباد ليربحوا عليه لا ليربح عليهم، والغني عند الكثير مشير إلى نعت الجلال وذو الرحمة إلى صفة الجمال إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ لغناه الذاتي عنكم وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ من أهل طاعته برحمته قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ أي جهتكم من الاستعداد إِنِّي عامِلٌ على مكانتي من ذلك وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ في قلوب عباده جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ ككرم العشق والمحبة وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وهي الصفات الروحانية التي جبلت القلوب عليها كالسخاء، والوفاء، والعفة، والحلم، والشجاعة. وَالنَّخْلَ أي نخل الإيمان وَالزَّرْعَ أي زرع إرادات الأعمال الصالحة وَالزَّيْتُونَ أي زيتون الإخلاص وَالرُّمَّانَ أي رمان شجر الإلهام، وقيل في كل غير ذلك وباب التأويل واسع كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وهو المشاهدات والمكاشفات إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا المريدين حَقَّهُ وهو الإرشاد والموعظة الحسنة يَوْمَ حَصادِهِ أوان وصولكم فيه إلى مقام التمكين والاستقامة وَلا تُسْرِفُوا بالكتمان عن المستحقين أو بالشروع في الكلام في غير وقته والدعوة قبل أوانها إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ لا يرتضي فعلهم وَمِنَ الْأَنْعامِ أي قوى الإنسان حَمُولَةً ما هو مستعد لحمل الأمانة وتكاليف الشرع وَفَرْشاً ما هو مستعد لإصلاح القالب وقيام البشرية كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وهو مختلف فرزق القلب هو التحقيق من حيث البرهان ورزق الروح هو المحبة بصدق التحرز عن الأكوان. ورزق السر هو شهود العرفان بلحظ العيان وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ بالميل إلى الشهوات الفانية والاحتجاب بالسوى إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ يريد أن يحجبكم عن مولاكم والله تعالى الموفق لسلوك الرشاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>