للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة طه]

وتسمى أيضا سورة الكليم كما ذكر السخاوي في جمال القراء وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم مكية. واستثنى بعضهم منها قوله تعالى: وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ [طه: ١٣٠] الآية.

وقال الجلال السيوطي: ينبغي أن يستثنى آية أخرى،

فقد أخرج البزار وأبو يعلى عن أبي رافع قال: أضاف النبي صلّى الله عليه وسلّم ضيفا فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب فقال: لا إلا برهن فأتيت النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته فقال: أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ [الحجر: ٨٨، طه: ١٣١] الآية

انتهى.

ولعل ما روي عن الحبرين على القول باستثناء ما ذكر باعتبار الأكثر منها. وآياتها كما قال الداني مائة وأربعون آية شامي وخمس وثلاثون كوفي وأربع حجازي وآيتان بصري. ووجه الترتيب على ما ذكره الجلال أنه سبحانه لما ذكر في سورة مريم قصص عدة من الأنبياء عليهم السّلام وبعضها مبسوط كقصة زكريا ويحيى وعيسى عليهم السّلام وبعضها بين البسط والإيجاز كقصة إبراهيم عليه السّلام وبعضها موجز مجمل كقصة موسى عليه السّلام وأشار إلى بقية النبيين عليهم السّلام إجمالا ذكر جل وعلا في هذه السورة شرح قصة موسى عليه السّلام التي أجملها تعالى هناك فاستوعبها سبحانه غاية الاستيعاب وبسطها تبارك وتعالى أبلغ بسط ثم أشار عز شأنه إلى تفصيل قصة آدم عليه السّلام الذي وقع في مريم مجرد ذكر اسمه ثم أورد جل جلاله في سورة الأنبياء بقية قصص من لم يذكر قصته في مريم كنوح ولوط وداود وسليمان وأيوب واليسع وذي الكفل وذي النون عليهم السّلام وأشير فيها إلى قصة من ذكرت قصته إشارة وجيزة كموسى وهارون وإسماعيل. وذكرت تلو مريم لتكون السورتان كالمتقابلتين وبسطت فيها قصة إبراهيم عليه السّلام البسط التام فيما يتعلق به مع قومه ولم يذكر حاله مع أبيه إلا إشارة كما أنه في سورة مريم ذكر حاله مع قومه إشارة ومع أبيه مبسوطا، وينضم إلى ما ذكر اشتراك هذه السورة وسورة مريم في الافتتاح بالحروف المقطعة، وقد روي عن ابن عباس وجابر بن زيد رضي الله تعالى عنهم أن طه نزلت بعد سورة مريم. ووجه ربط أول هذه بآخر تلك أنه سبحانه ذكر هناك تيسير القرآن بلسان الرسول عليه الصلاة والسّلام معللا بتبشير المتقين وإنذار المعاندين وذكر تعالى هنا ما فيه نوع من تأكيد ذلك. وجاءت آثار تدل على مزيد فضلها.

أخرج الدارمي وابن خزيمة في التوحيد والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تبارك وتعالى قرأ «طه» و «يس» قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت: طوبى لأمة ينزل عليها هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تتكلم بهذا» وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا نحوه

،

وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل قرآن يوضع

<<  <  ج: ص:  >  >>