أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:
نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون دون المؤمنين وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم يوهمونهم عن أقاربهم أنهم أصابهم شر فلا يزالون كذلك حتى تقدم أقاربهم فلما كثر ذلك منهم شكا المؤمنون إلى الرسول صلّى الله تعالى عليه وسلم فنهاهم أن يتناجوا دون المؤمنين فعادوا لمثل فعلهم، وقال مجاهد: نزلت في اليهود.
وقال ابن السائب: في المنافقين، والخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام والهمزة للتعجيب من حالهم، وصيغة المضارع للدلالة على تكرر عودهم وتجدده واستحضار صورته العجيبة، وقوله تعالى: وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ عطف عليه داخل في حكمه أي ويتناجون بما هو إثم في نفسه ووبال عليهم وتعدّ على المؤمنين وتواص بمخالفة الرسول صلّى الله تعالى عليه وسلم، وذكره عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة بين الخطابين المتوجهين- وإليه صلّى الله عليه وسلم- لزيادة تشنيعهم واستعظام معصيتهم.
وقرأ حمزة وطلحة والأعمش ويحيى بن وثاب ودويس- وينتجون- بنون ساكنة بعد الياء وضم الجيم مضارع انتجى، وقرأ أبو حيوة- العدوان- بكسر العين حيث وقع، وقرىء- معصيات- بالجمع ونسبت فيما بعد إلى الضحاك وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ
صح من رواية البخاري ومسلم وغيرها عن عائشة «أن ناسا من اليهود دخلوا على رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم فقال عليه الصلاة والسلام:
وعليكم، قالت عائشة: وقلت: عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم»
وفي رواية «عليكم السام والذام واللعنة، فقال عليه الصلاة والسلام: يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش، فقلت: ألا تسمعهم يقولون: السام؟! فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: أو ما سمعت أقول: وعليكم؟! فأنزل الله تعالى وَإِذا جاؤُكَ» الآية.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند جيد عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم سام عليك يريدون بذلك شتمه ثم يقولون في أنفسهم: لولا يعذبنا الله بما نقول فنزلت هذه الآية وَإِذا جاؤُكَ إلخ، والسام قال ابن الأثير: المشهور فيه ترك الهمز ويعنون به الموت،