المعمول لما في حيز الموصول الحرفي عليه، والفصل بين حرف العطف والمعطوف بالظرف، وفي التسهيل الفصل بين العاطف والمعطوف إذا لم يكن فعلا بالظرف والجار والمجرور جائز وليس ضرورة خلافا لأبي علي، ولقيام الخلاف في المسألة ذهب أبو حيان إلى أن الظرف متعلق بمقدر يفسره المذكور أي- وأن تحكموا إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا- ليسلم مما تقدم، ولا يجوز تعلقه بما قبله لعدم استقامة المعنى لأن تأدية الأمانة ليست وقت الحكومة، والمراد بالحكم ما كان عن ولاية عامة أو خاصة، وأدخلوا في ذلك ما كان عن تحكيم.
وفي بعض الآثار أن صبيين ارتفعا إلى الحسن رضي الله تعالى عنه ابن علي كرم الله تعالى وجهه في خط كتباه وحكماه في ذلك ليحكم أي الخطين أجود فبصر به علي كرم الله تعالى وجهه فقال: يا بني انظر كيف تحكم فإن هذا حكم والله تعالى سائلك عنه يوم القيامة
إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ جملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها متضمنة لمزيد اللطف بالمخاطبين وحسن استدعائهم إلى الامتثال وإظهار الاسم الأعظم لتربية المهابة وهو اسم إِنَّ وجملة نِعِمَّا يَعِظُكُمْ خبرها، وما إما بمعنى الشيء معرفة تامة، ويَعِظُكُمْ صفة موصوف محذوف وهو المخصوص بالمدح، أي نعم الشيء شيء يعظكم به، ويجوز- نعم هو أي الشيء شيئا يعظكم به- والمخصوص بالمدح محذوف، وإما بمعنى الذي وما بعدها صلتها وهو فاعل- نعم- والمخصوص محذوف أيضا، أي نعم الذي يعظكم به تأدية الأمانة والحكم بالعدل- قاله أبو البقاء- ونظر فيه بأنه قد تقرر أن فاعل- نعم- إذا كان مظهرا لزم أن يكون محلى بلام الجنس أو مضافا إليه كما في المفصل، وأجيب بأن سيبويه جوز قيام ما إذا كانت معرفة تامة مقامه، وابن السراج أيضا جوز قيام الموصولة لأنها في معنى المعرف باللام، واعترض القول بوقوع ما تمييزا بأنها مساوية للمضمر في الإبهام فلا تميزه لأن التمييز لبيان جنس المميز، وأجيب بمنع كونها مساوية له لأن المراد بها شيء عظيم، والضمير لا يدل على ذلك، ومن الغريب ما قيل: إن ما كافة فتدبر، وقد تقدم الكلام فيما في نِعِمَّا من القراءات إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بجميع المسموعات ومنها أقوالكم بَصِيراً بكل شيء، ومن ذلك أفعالكم، ففي الجملة وعد ووعيد،
وقد روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي كرم الله تعالى وجهه: سوّ بين الخصمين في لحظك ولفظك
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بعد ما أمر سبحانه ولاة الأمور بالعموم أو الخصوص بأداء الأمانة والعدل في الحكومة أمر الناس بإطاعتهم في ضمن إطاعته عز وجل وإطاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم حيث قال عز من قائل: أَطِيعُوا اللَّهَ أي الزموا طاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ المبعوث لتبليغ أحكامه إليكم في كل ما يأمركم به وينهاكم عنه أيضا، وعن الكلبي أن المعنى أَطِيعُوا اللَّهَ في الفرائض وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ في السنن، والأول أولى وأعاد الفعل وإن كانت طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله تعالى اعتناء بشأنه عليه الصلاة والسلام وقطعا لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس في القرآن وإيذانا بأن له صلّى الله عليه وسلّم استقلالا بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثمّ لم يعد في قوله سبحانه: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ إيذانا بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول صلّى الله عليه وسلّم، واختلف في المراد بهم فقيل: أمراء المسلمين في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبعده ويندرج فيهم الخلفاء والسلاطين والقضاة وغيرهم، وقيل: المراد بهم أمراء السرايا، وروي ذلك عن أبي هريرة وميمون بن مهران، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي،
وأخرجه ابن عساكر عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد في سرية، وفيها عمار بن ياسر فساروا قبل القوم الذين يريدون فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا وأتاهم ذو العيينتين (١) فأخبرهم فأصبحوا قد هربوا غير رجل