للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة: يجوز أن يشبع عند الضرورة، وقيل: المراد غير عاص بأن يكون باغيا، أو عاديا بأن ينتزعها من مضطر آخر أو خارجا في معصيته، وروي هذا أيضا عن قتادة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لا يؤاخذه بأكله وهو الجواب في الحقيقة، وقد أقيم سببه مقامه، وقيل: إنه مقدر في الكلام يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ شروع في تفصيل المحللات التي ذكر بعضها على وجه الإجمال إثر بيان المحرمات،

أخرج ابن جرير والبيهقي في سننه وغيرهما عن أبي رافع قال: «جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فاستأذن عليه فأذن له فأبطأ فأخذ رداءه فخرج إليه وهو قائم بالباب فقال عليه الصلاة والسلام: قد أذنا لك قال: أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو، قال أبو رافع: فأمرني صلّى الله عليه وسلّم أن أقتل كل كلب بالمدينة ففعلت، وجاء الناس فقالوا: يا رسول الله ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فسكت النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى يسألونك الآية.

وأخرج ابن جرير عن عكرمة أن السائل عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جبير أن السائل عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيان، وقد ضمن السؤال معنى القول، ولذا حكيت به الجملة كما تحكى بالقول، وليس معلقا لأنه وإن لم يكن من أفعال القلوب لكنه سبب للعلم وطريق له، فيعلق كما يعلق خلافا لأبي حيان، فاندفع ما قيل: إن السؤال ليس مما يعمل في الجمل ويتعدى بحرف الجر، فيقال: سئل عن كذا، وادعى بعضهم لذلك أنه بتقدير مضاف أي جواب ماذا، والأول مختار الأكثرين، وضمير الغيبة دون ضمير المتكلم الواقع في كلامهم لما أن يسألون بلفظ الغيبة كما تقول: أقسم زيد ليضربن، ولو قلت: لأضربن جاز، والمسئول نظرا للكلام السابق ما أحل من المطاعم والمآكل، وقيل: إن المسئول ما أحل من الصيد والذبائح قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ أي ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه، وإلى ذلك ذهب البلخي، وعن أبي علي الجبائي وأبي مسلم هي ما أذن سبحانه في أكله من المأكولات والذبائح والصيد، وقيل: ما لم يرد بتحريمه نص أو قياس، ويدخل في ذلك الإجماع إذ لا بد من استناده لنص وإن لم نقف عليه، والطيب- على هذين القولين- بمعنى الحلال، وعلى الأول بمعنى المستلذ، وقد جاء بالمعنيين وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ عطف على الطيبات بتقدير مضاف على أن ما موصولة، والعائد محذوف أي وصيد ما علمتموه، قيل: والمراد مصدره لأنه الذي أحل بعطفه على الطَّيِّباتُ من عطف الخاص على العام، وقيل: الظاهر أنه لا حاجة إلى جعل الصيد بمعنى المصيد لأنه الحل والحرمة مما يتعلق بالفعل، ويحتمل أن تكون ما شرطية مبتدأ، والجواب فكلوا، والخبر الجواب، والشرط على المختار، والجملة عطف على جملة أُحِلَّ لَكُمُ ولا يحتاج إلى تقدير مضاف.

ونقل عن الزمخشري أنه قال بالتقدير فيه، وقال تقديره لا يبطل كون ما شرطية لأن المضاف إلى اسم الشرط في حكم المضاف إليه- كما تقول- غلام من يضرب أضرب- كما تقول- من يضرب أضرب، وتعقب بأنه على ذلك التقدير يصير الخبر خاليا عن ضمير المبتدأ إلا أن يتكلف بجعل مِمَّا أَمْسَكْنَ من وضع الظاهر موضع ضمير ما عَلَّمْتُمْ فافهم، وجوز كونها مبتدأ على تقدير كونها موصولة أيضا، والخبر كلوا، والفاء إنما دخلت تشبيها للموصول باسم الشرط لكنه خلاف الظاهر، ومِنَ الْجَوارِحِ حال من الموصول، أو من ضميره المحذوف، والْجَوارِحِ جمع جارحة، والهاء فيها- كما قال أبو البقاء- للمبالغة، وهي صفة غالبة إذ لا يكاد يذكر معها الموصوف، وفسرت بالكواسب من سباع البهائم والطير، وهو من قولهم: جرح فلان أهله خيرا إذا أكسبهم، وفلان جارحة أهله أي كاسبهم، وقيل: سميت جوارح لأنها تجرح الصيد غالبا.

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما والسدي والضحاك- وهو

المروي عن أئمة أهل البيت بزعم الشيعة- أنها

<<  <  ج: ص:  >  >>