أيضا فلا تدخل بالشك، وحديث الإدارة لا يستلزم الافتراض لجواز كونه على وجه السنة كالزيادة في مسح الرأس إلى أن يستوعبه، وأجيب بأنه لا تعارض مع غلبة الاستعمال في الأصل المقرر، وأيضا على ما قال يثبت الإجمال في دخولها فيكون اقتصاره صلّى الله عليه وسلّم على المرفق وقع بيانا للمراد من اليد، فيتعين دخول ما أدخله- واغسل يدك للأكل- من إطلاق اسم الكل على البعض اعتمادا على القرينة.
وقال العلامة ابن حجر: دل على دخولها الاتباع والإجماع، بل والآية أيضا بجعل إِلَى غاية للترك المقدر بناء على أن اليد حقيقة إلى المنكب كما هو الأشهر لغة، وكأنه عنى بالإجماع إجماع أهل الصدر الأول وإلا فلا شك في وجود المخالف بعد، وعدوا داود- وكذا الإمام مالك رضي الله تعالى عنه من ذلك- ولي في عد الأخير تردد، فقد نقل ابن هبيرة إجماع الأئمة الأربعة على فرضية غسل اليدين مع المرفقين، قيل: ويترتب على هذا الخلاف أن فاقد اليد من المرفق يجب عليه إمرار الماء على طرف العظم عند القائل بالدخول، ولا يجب عند المخالف لأن محل التكليف لم يبق أصلا كما لو فقد اليد مما فوق المرفق، نعم يندب له غسل ما بقي من العضد محافظة على التحجيل، هذا واستيعاب غسل المأمور به من الأيدي فرض كما هو الظاهر من الآية، فلو لزق بأصل ظفره طين يابس أو نحوه، أو بقي قدر رأس إبرة من موضع الغسل لم يجز ولا يجب نزع الخاتم وتحريكه إذا كان واسعا، والمختار في الضيق الوجوب، وفي الجامع الأصغر إن كان وافر الأظفار وفيها درن أو طين أو عجين جاز في القروي والمدني على الصحيح المفتي به- كما قال الدبوسي- وقيل: يجب إيصال الماء إلى ما تحتها إلا الدرن لتولده منه.
وقال الصفار: يجب الإيصال مطلقا إن طال الظفر، واستحسنه ابن الهمام لأن الغسل وإن كان مقصورا على الظواهر لكن إذا طال الظفر بمنزلة عروض الحائل كقطرة شمعة، وفي النوازل يجب في المصري لا القروي لأن دسومة أظفار المصري مانعة من وصول الماء بخلاف القروي، ولو طالت أظفاره حتى خرجت عن رؤوس الأصابع وجب غسلها قولا واحدا، ولو خلق له يدان على المنكب فالتامة هي الأصلية يجب غسلها، والأخرى زائدة فما حاذى منها محل الفرض وجب غسله، وما لا فلا، ومن الغريب أن بعضا من الناس أوجب البداية في غسل الأيدي من المرافق، فلو غسل من رؤوس الأصابع لم يصح وضوءه.
وقد حكى ذلك الطبرسي في مجمع البيان، والظاهر أن هذا البعض من الشيعة، ولا أجد لهم في ذلك متمسكا وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ، قيل: الباء زائدة لتعدي الفعل بنفسه وقيل: للتبعيض، وقد نقل ابن مالك عن أبي علي في التذكرة أنها تجيء لذلك، وأنشد:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج
وقيل: إن العرف نقلها إلى التبعيض في المتعدي، والمفروض في المسح عندنا مقدار الناصية، وهو ربع الرأس من أي جانب كان فوق الأذنين لما
روى مسلم عن المغيرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم توضأ فمسح بناصيته
والكتاب مجمل في حق الكمية فالتحق بيانا له، والشافعي رضي الله تعالى عنه يمنع ذلك، ويقول: هو مطلق لا مجمل فإنه لم يقصد إلى كمية مخصوصة أجمل فيها، بل إلى الإطلاق فيسقط عنده بأدنى ما يطلق عليه مسح الرأس على أن في حديث المغيرة روايتان: على ناصيته وبناصيته، والأولى لا تقتضي استيعاب الناصية لجواز كون ذكرها لدفع توهم أنه مسح على الفود، أو القذال، فلا يدل على مطلوبكم ولو دل مثل هذا على الاستيعاب لدل- مسح على الخفين- عليه أيضا، ولا قائل به هناك عندنا وعندكم، وإذا رجعنا إلى الثانية كان محل النزاع في الباء كالآية، ويعود التبعيض، ومن هنا قال بعضهم: الأولى أن يستدل
برواية أبي داود عن أنس رضي الله تعالى عنه «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتوضأ وعليه عمامة