قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ أي منع عنها وقال: لا يمكن التزين بها وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ كعلوم الإخلاص. ومقام التوكل، والرضا، والتمكين قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ الكبرى عن التلون وظهور شيء من بقايا الأفعال والصفات والذات قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ رذائل القوة البهيمة ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ رذائل القوة السبعية وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ رذائل القوة النطقية وكل ذلك من موانع الزينة وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ينتهون عنده إلى مبدئهم فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ لأن وقوع ما يخالف العلم محال يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ من جنسكم، وقيل: هي العقول، وقال النيسابوري: التأويل إما يأتينكم إلهامات من طريق قلوبكم وأسراركم، وفيه أن بني آدم كلهم مستعدون لإشارات الحق وإلهاماته فَمَنِ اتَّقى في الفناء وَأَصْلَحَ بالاستقامة عند البقاء فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ لوصولهم إلى مقام الولاية وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أخفوا صفاتنا بصفات أنفسهم وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها بالاتصاف بالرذائل أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ نار الحرمان وهُمْ فِيها خالِدُونَ لسوء ما طبعوا عليه فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بأن قال: أكرمني الله تعالى بالكرامات وهو الذي بالكرى مات أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ بأن أنكر على أولياء الله سبحانه الفائزين من الله تعالى بالحظ الأوفى أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ مما كتب لهم في لوح القضاء والقدر.
وقيل: الكتاب الإنسان الكامل ونصيبهم منه نصيب الغرض من السهم إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة علينا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها ولم يلتفتوا إليها لوقوفهم مع أنفسهم لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ فلا تعرج أرواحهم إلى الملكوت وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أي جنة المعرفة والمشاهدة والقربة حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ أي جمل أنفسهم المستكبرة فِي سَمِّ الْخِياطِ أي خياط أحكام الشريعة الذي به يخاط ما شقته يد الشقاق، وسمه آداب الطريقة لأنها دقيقة جدا، وقد يقال: الخياط إشارة إلى خياط الشريعة، والطريقة وسمه ما يلزمه العمل به من ذلك وولوج ذلك الجمل لا يمكن مع الاستكبار بل لا بد من الخضوع والانقياد وترك الحظوظ النفسانية وحينئذ يكون الجمل أقل من البعوضة بل أدق من الشعرة فحينئذ يلج في ذلك السم لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ الحرمان مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ أي إن الحرمان أحاط بهم، وقيل: لهم من جهنم المجاهدة والرياضة فراش ومن فوقهم من مخالفات النفس وقطع الهوى لحاف فتذيبهم وتحرق أنانيتهم. وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ المرحومون أَصْحابَ النَّارِ المحرمون أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا من القرب حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم من البعد حَقًّا فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ وهو مؤذن العزة والعظمة بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الواضعين الشيء في غير موضعه الذين يصدون السالكين عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي الطريق الموصلة إليه سبحانه، وقيل: يصدون القلب والروح عن ذلك وَيَبْغُونَها عِوَجاً بأن يصفوها بما ينفر السالك عنها من الزيغ والميل عن الحق، وقيل: يطلبون صرف وجوههم إلى الدنيا وما فيها وَهُمْ بِالْآخِرَةِ أي الفناء بالله تعالى أو بالقيامة الكبرى كافِرُونَ لمزيد احتجابهم بما هم فيه وَبَيْنَهُما أي بين أهل الجنة وهي جنة ثواب الأعمال من العباد والزهاد وبين أهل النار حجاب فكل منهم محجوب عن صاحبه وَعَلَى الْأَعْرافِ أي أعالي ذلك الحجاب الذي هو حجاب القلب رِجالٌ وأي رجال وهم العرفاء أهل الله سبحانه وخاصته. قيل: وإنما سموا رجالا لأنهم يتصرفون بإذن الله تعالى فيما سواه عز وجل تصرف الرجل بالنساء ولا يتصرف فيهم شيء من ذلك يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ لما أعطوا من نور الفراسة وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أي جنة ثواب الأعمال أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بما من الله تعالى عليكم به من الخلاص من النار، وقيل: إن سلامهم على أهل الجنة