ويحتمل أن يكون الكتاب المذكور إشارة إلى الآفاق والأنفس وما يؤول إليه كل ظاهر والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
شروع في بيان مبدأ الفطرة إثر بيان معاد الكفرة، ويحتمل أنه سبحانه لما ذكر حال الكفار وأشار إلى عبادتهم غيره سبحانه احتج عليهم بمقدوراته ومصنوعاته جل شأنه ودلهم بذلك على أنه لا معبود سواه فقال مخاطبا بالخطاب العام إِنَّ رَبَّكُمُ أي خالقكم ومالككم الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ السبع وَالْأَرْضَ بما فيها كما يدل عليه ما في سورة السجدة على ما يأتي إن شاء الله تعالى تحقيقه في ستة أوقات كقوله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ [الأنفال: ١٦] أو في مقدار ستة أيام كقوله سبحانه لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا.
فإن المتعارف أن اليوم من طلوع الشمس إلى غروبها ولم تكن هي حينئذ، نعم العرش وهو المحدد على المشهور موجود إذ ذاك على ما يدل عليه بعض الآيات، وليس بقديم كما يقوله من ضل عن الصراط المستقيم لكن ذاك ليس نافعا في تحقق اليوم العرفي، وإلى حمل اليوم على المتعارف وتقدير المضاف ذهب جمع من العلماء وادعوا- وهو قول عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، والضحاك، ومجاهد، واختاره ابن جرير الطبري- أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد ولم يكن في السبت خلق أخذا له من السبت بمعنى القطع لقطع الخلق فيه ولتمام الخلق في يوم الجمعة واجتماعه فيه سمي بذلك. وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس أنه سمي تلك الأيام بأبو جاد وهواز وحطى وكلمون وسعفص وقريشات. وقال محمد بن إسحاق وغيره: إن ابتداء الخلق في يوم السبت، وسمي سبتا لقطع بعض خلق الأرض فيه على ما قال ابن الأنباري أو لما أن الأمر كأنه قطع وشرع فيه على ما قيل، واستدل لهذا القول بما
أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة قال: «أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيدي فقال: خلق الله تعالى التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وخلق فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق وفي آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين